الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » تحقيقات

الصفحة السابقة »

عناوين عريضة لمرحلة إعادة الإعمار.. وإيجاد الهوية الاقتصادية يساهم في توجيه البوصلة الاستثمارية

2017-11-25 09:19:27

عناوين عريضة ومؤتمرات وملتقيات ومنتديات مختلفة تعقد بين الحين والآخر منذ سنتين وحتى اليوم تمهيداً لنهضة اقتصادية تواكب مرحلة إعادة الإعمار، وتؤسس لها تبدو الصورة جميلة نظريا، لكن الأجمل فعلاً أن نخرج من الإطار النظري بصورة أكثر ديناميكية، فالكلام كما يقال "ببلاش"، والتحرك الميداني الذي يخطوه الجيش سريعا في تحرير مناطق مختلفة من الجغرافيا السورية ينبغي أن يرافقه تحرك من نوع آخر في جانب التأهيل والإعداد للبنية التحتية، ونوع الاستثمارات القادمة خاصة في الجانب الصناعي الذي يعد واحداً من أهم القطاعات الإنتاجية للاقتصاد السوري ويمثل حوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي, لذا فهو محرك أساسي للاقتصاد السوري من خلال ارتباطه بمختلف القطاعات الأخرى, مثل الزراعة والنقل والتأمين والمال والتجارة. كما انه يمتلك قاعدة متنوعة من الصناعات المختلفة (الاستخراجية والتحويلية)، وبالتالي فإن أي استثمارات مقبلة ستحتاج أرضية مقبولة من البنى التحتية، وكذلك القوانين والأنظمة المتعلقة بالعمل الاستثماري والصناعي في سورية فماذا عن القاعدة التشريعية التي ينبغي لها أن تواكب المرحلة المقبلة من المؤكد أن مرحلة خاصة كالمرحلة القادمة، تحتاج قرارات وتشريعات من نوع خاص.

تصنيفات وأرقام
وبحسب هيئة الاستثمار فإن الفرص الاستثمارية المتوفرة في الخارطة مصنفة بطريقتين، إما بحسب المحافظة أو نوع النشاط الاقتصادي وقد حرصت الهيئة على اختيار وطرح الفرص الاستراتيجية وذات الأولوية في مرحلة إعادة الإعمار التي يتوفر لها مواقع وأرض محددة لتكون فرصاً جاهزة للتنفيذ على أرض الواقع ويبلغ عدد الفرص الاستثمارية المتوفرة للعام الحالي 204 فرص، بحسب المحافظات  ريف دمشق 30، القنيطرة 18، السويداء 15، درعا 12، حمص 34، حماة 16،  طرطوس17، اللاذقية 13، حلب 29، دير الزور 11، الحسكة 3، كافة المحافظات 6، وبحسب نوع الاستثمار فالأولوية كانت لفرص إعادة الإعمار والبنية التحتية 39 فرصة، تليها الصناعات الكيميائية 38 فرصة، ثم الهندسية والنسيجية 32، ثم الغذائية 27، ثم الطاقة المتجددة 25، ثم فرص زراعية 18، والنفط والثروة المعدنية 16، وفرص الصحة والأدوية 9 فرص، وتؤكد الهيئة أنها قامت أيضا بإعداد دراسات جدوى اقتصادية أولية لبعض الفرص الاستثمارية حيث يتوفر لديها 93 دراسة أولية، وعن آلية الترويج لهذه الفرص تؤكد الهيئة أنها تقوم داخليا بإقامة نشاطات ولقاءات تشاركية مع اتحادات الغرف ومجلس رجال الأعمال والمستثمرين وإطلاق حملات ترويجية تستهدف معظم المحافظات، أما خارجيا فتعمل على استقطاب المغتربين ورجال الأعمال وسفارات الدول الصديقة والتنسيق المشترك مع الجهات المعنية ووزارة الخارجية والسفارات وخاصة دول البركس وتزويدهم بالفرص الاستثمارية المتوفرة.

تشخيص المشكلة
الدكتور زكوان قريط وفي تصريحات عديدة تحدث عن حاجة ماسة لسياسة اقتصادية واضحة المعالم تنتهجها سورية في المرحلة المقبلة وفترة إعادة الإعمار تترافق مع قوانين وتشريعات ملائمة، فبعد تشخيص المشكلة واستعراض الواقع الصناعي في سورية وتحديد نقاط القوة والضعف فيه على أرض الواقع نجد أن العديد من المشاريع لا يمكن تطبيقها إن لم يرافقها قوانين وسياسية اقتصادية واضحة تربط كل هذه الأمور، خاصة أن السياسة الاقتصادية الحالية غامضة فلا توجّه لاقتصاد سوق اجتماعي، ولا اقتصاد سوق حر ولا أي نوع من الاقتصاديات، وللأسف بعد أن بدأت سورية تأخذ منحى سياسة اقتصادية محددة في بداية الـ2000 وبدأت الاستثمارات تؤتي أؤكلها في نهاية الـ 2009 وبدأ الصناعي السوري بالتفكير بتطوير الصناعات البسيطة وإدخال تقنيات حديثة، أتت الأزمة وأنهت كل ما تم البدء فيه، فالصناعي لا يمكن أن يفكر بصناعات أكثر تقدما إلا حين يشعر بالاستقرار، ولا يمكن أن يبدع وهو محصور بقوانين جامدة، من ناحية أخرى فالتراخيص الصناعية بحاجة لإعادة دراسة، فللأسف نحن مشهورون في سورية بعملية التقليد فمثلاً حين يفتح أحدهم محلاً أو استثماراً ما يقوم الآخرون بتقليدة كما حدث في العام 2000 حين انتشرت ورشات الخياطة بشكل واسع في سورية نتيجة تقليد الأعمى وهذا الأمر لم يكن ليحدث لو رافقه نظرة اقتصادية مختلفة.

صناعي زراعي
ويدعو الدكتور قريط إلى إقرار قانون استثمار جديد يربط السياسة الزراعية بالصناعية بالاستثمار والتجارة والعمل كفريق واحد لا أن يغني كل على ليلاه، ويقول: صحيح أننا اليوم نمتلك خارطة استثمارية لكنها تبدو ورقية فقط، وكذلك وزارة الصناعة تقتصر مهمتها حاليا على الربط والتنسيق بين الجهات الصناعية، لذا نحن بحاجة فعلية لقانون استثمار جديد يغطي ثغرات وعيوب قانون الاستثمار رقم /10/، ويرى قريط أن القانون الحالي جيد ورقياً لكن التطبيق العملي له سيىء بسبب توجه الكثير من الصناعيين والمستثمرين إلى صناعات استهلاكية خفيفة، لأن هذه الصناعات دورتها الإنتاجية سريعة وفترة استرداد رأس المال أسرع وأرباحها سريعة على المدى القصير، لكن للأسف أغفلت العديد من الصناعات المتقدمة التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات أو الصناعات الحديثة والمتطورة، وربما يكون السبب أن هذا النوع من الصناعات يتطلب استثمارات ضخمة ورؤوس أموال كبيرة كما أن فترة استرداد رأس المال فيه أطول بحاجة إلى صبر حتى تؤتي ثمارها وتحتاج لفترة لجني الأرباح، وهنا لا نلقي اللوم على الصناعي بل نلقي اللوم على التشريعات والقوانين الاقتصادية.

بوصلة تنموية
ويؤكد د.زكوان على أهمية توجيه البوصلة التنموية بما يكفل تطوير الصناعات التي تعتمد على الزراعة، فلدينا ضعف واضح في هذا المجال، والمؤكد أن العجلة الاقتصادية تبدأ بالزراعة والصناعات القائمة عليها، ومن الخطأ الكبير أن نقوم بتصدير المواد الخام دون محاولة تصنيعها، وينبغي العمل على إدخال التكنولوجيا بالزراعة وهو ما من شأنه أن يحول الصحراء إلى منطقة خضراء، كما تفعل بعض الدول المجاورة التي بدأت فعلا بزراعة القمح والقطن رغم أنها مناطق صحراوية، من ناحية أخرى يجب أن تهتم وزارة الصناعة بشركات القطاع العام، وتقوم بإعادة هيكلة لها، وللأسف لدينا نوع من الشيخوخة والترهل في قطاعات الزراعة والصناعة وهذه القطاعات تحتاج إبرة تنشيط، فالقطاع العام هو من يجر عجلة الاقتصاد وعلينا ألا نتوقع أو ننتظر أن يقوم القطاع الخاص بالنهوض بأعباء النهضة الاقتصادية، ويجب دائما حتى بالمشاريع التشاركية أن تكون الغلبة والدفة فيها للقطاع العام 51 -52% للعام و49 – 48% للقطاع الخاص حتى يكون القطاع العام دائما هو الرائد وتحديدا في ظروف الأزمة، فمثلا نحن لم نر أي تاجر قام بمبادرات خاصة ودائما تكون المبادرة من القطاع العام ومن ثم يقوم الخاص بمواكبتها، وعند النهوض بالقطاع العام فالقطاع الخاص سيرافقه حتماً.

أفكار منتظرة  
اعتماد التكنولوجيا الحديثة وإدخالها في الصناعة، والتخفيض الضريبي على أساس الإنتاج، والتسويق الذي يسبق الصناعات، أفكار منتظرة قدمها الدكتور قريط كآليات يمكن اعتمادها بشكل موسع في المرحلة المقبلة، إذ قال يمكن أن نمنح العديد من التسهيلات للتجار والصناعيين  ممن يرغبون بالاستثمار في سورية لكن حتى نضمن ألا تكون مشاريعهم ورقية فقط يمكن أن نعتمد آلية محاسبة بحسب الإنتاج لضمان عدم التهرب من الضريبة، وضمان استمرارية الإنتاج، بحيث نقوم مثلا بالسماح باستيراد مواد خام لقطعتين مجانا على كل قطعة تنتجها، أو نمنح كهرباء مخفضة ويتم المحاسبة على الانتاج، كلما زاد الإنتاج زاد التخفيض، وبالتالي زيادة الإنتاج سيحمل مصلحة حقيقية للصناعي وينعكس على توفر البضائع في الأسواق، وتدور عجلة الانتاج، لأنه مع الأسف لدينا صناعيين يقومون بإشادة معامل على الورق، فالمطلوب اليوم هو تحرك اقتصادي سريع حتى في حال شجعنا الصناعات البسيطة في سبيل تحريك عجلة الانتاج ودفع العجلة الاقتصادية، وهو ما ينهض الاقتصاد ويجعله يقوم تدريجيا على سياسة الاكتفاء الذاتي، كذلك من المهم الترويج لثقافة الإنتاج على أساس التسويق فمشكلة الصناعة اليوم أساسها تسويقي وهي أننا ننتج ثم نسوق وهذه الفكرة تقليدية واندثرت، فاليوم يجب أن نسوق ثم ننتج ونعرف ما هو المرغوب من قبل المستهلك ونقوم بالتصنيع على هذا الأساس، ويختم د.قريط أي منتج يتم تصنيعه وبيعه محلياً هو خطوة إيجابية في دوران العجلة الاقتصادية تكفيك من الاستيراد وكلفه الباهظة.
هلا نصر
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك