الاتحاد العام لنقابات العمال
الاتحاد العام لنقابات العمال

الأخبار » من العالم

الصفحة السابقة »

الانحطاط الأخلاقي الأمريكي

2018-05-13 07:34:28

يثبت الأمريكي في كل يوم أنه بلغ من الانحطاط الأخلاقي حداً تجاوز فيه كل ما عرفه تاريخ الكرة الأرضية من أشكال الانحطاط. فهو يخترع الأكذوبة تلو الأكذوبة لتبرير سلوكه العدواني مع أنه لا يحتاج عملياً إلى تبرير عدوانيته بواسطة الأكاذيب والافتراءات طالما أنه يستند في عدوانيته على قوّته. ولكنه يفعل ما يفعل لتضليل الرأي العام الأمريكي أولاً والرأي العام العالمي ثانياً. وهكذا يقرن سلوكه العدواني بالكذب فيرتكب بذلك خطيئة مزدوجة , ويثبت بذلك أن همّه هو ارتكاب الحماقات في الأرض, وكأنه بدون هذه الحماقات لا يمكن للناس أن يروا أمريكا أو كأن شعب أمريكا بحاجة إلى هذه الحماقات والارتكابات.
بالطبع, لا نستطيع أن نعيد مجمل ارتكابات وحماقات الأمريكي في العالم إلى الحقيقة القائلة بأن الأمريكي  إنما يخضع للصهيوني, ذلك أن هناك الكثير من الأمثلة على ارتكابات الأمريكي في مختلف القارات وليس فقط فيما تسمى بمنطقة الشرق الأوسط حيث زرع الكيان الصهيوني ليكون قاعدة دائمة للعدوان. فهناك أمثلة للسلوك الأمريكي في أمريكا اللاتينية حيث مارس شتى أشكال الحماقات ولا يزال, وهناك مثال الحرب على كوريا والحرب على فيتنام والحرب على الصومال والحرب على أفغانستان والحرب على العراق والحرب على ليبيا والحرب على سورية, والآن انسحابه من الاتفاق حول ما يسمى ملف ايران النووي أو (5 + 1) رغم معارضة الأعضاء الآخرين في الاتفاق والتزام ايران الكامل به, والأمثلة تطول على الحماقات التي يرتكبها الأمريكي, ومنها الحرب التي تشن الآن على اليمن وقتل الآلاف من شعبه. فما من حرب ظالمة على وجه الأرض إلا وللأمريكي فيها دور يؤديه مباشرة أتباعه وعملاؤه.
ولم تكتف الإدارة الأمريكية بشن الحروب وافتعال الفتن بل قامت بالتجسس حتى على حلفائها, وهذا ما أظهرته الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس والتي كشفت الكثير من الأسرار بما فيها عمليات التجسس الأمريكية على زعماء ومسؤولين معظمهم حلفاء لواشنطن, رغم تبعيتهم لها. وهنا قد يثار السؤال : ما هي حاجة الولايات المتحدة للتجسس على أتباعها؟ والجواب بطبيعة الحال من شقين : أولهما أنها تريد الاطمئنان على أنهم ينفذون أوامرها بحذافيرها , ولا يحيدون عنها قيد أنملة . وثانيهما أنه يهمها أن يبقى الوثاق مشدوداً حول رقابهم , وألا تتيح لهم فرصة للتفلت من الولاء الأعمى لواشنطن, وتنفيذ الأدوار التي تكلفهم بها, في إطار استراتيجيتها في رسم المؤامرات الكبرى على الآخرين وشن الحروب المباشرة أو التي تديرها اعتماداً على عملائها.
إن المشكلة التي تحكم السلوك الأمريكي بالذات في زمننا الراهن, هي أن الأمريكيين طوَّروا صناعة عسكرية باتت تشكل أساس اقتصادهم, ومؤسسة عسكرية كبرى تحتاج إلى معظم نتاج هذه الصناعة, ومازال يعنيهم أن يجدوا له مستوردين ومستهلكين. ولن يتحقق ذلك إلا بإثارة الحروب, وكأن الحروب بما يترتب عليها من مآس باتت جزءاً من اقتصادهم. وهكذا نجدهم ينتقلون من حرب إلى حرب, أو يدفعون عملاءهم إلى شن الحروب. وما من غاية لهذه الحروب سوى تمويل صناعاتهم الحربية ومن ثم اقتصادهم.     
أما الحماقات والحروب التي يشنها الأمريكي على المنطقة العربية ومحيطها إنما تتم في خدمة المخطط الصهيوني, ونعرف أيضاً أن الهدف الأساسي لهذه الحروب جميعاً إنما هو تمكين الكيان الصهيوني الذي هو قاعدة استعمارية أمريكية في المنطقة, من التوسع بين الفرات والنيل للسيطرة على ثرواتها ومصادر الطاقة فيها لتشغيل مجمعاتها العسكرية الصناعية العسكرية وبأبخس الأثمان وخلق الفتن والحروب بين الكيانات التي ستكون تحت سيطرتها لبيع ما تنتجه هذه المجمعات من أدوات القتل. ونعرف تماماً أن المرحلة الأولى من هذه الحرب كانت تتطلب تمكين المرتزقة الإرهابية التكفيرية ومن في حكمهم من نشر الفوضى في المنطقة , والإرهاب في العالم, حتى إذا ما مكنوا هذه العصابات من هدم كل عناصر القوة تقدم الكيان الصهيوني ليفرض نفسه بالقوة وليحقق أحلامه وأحلام الأمريكي وأطماعه.
إن مجمل السياسات والحماقات الأمريكية على الساحة الدولية, تمثل بلا شك انحطاطاً أخلاقياً وانحرافاً خطيراً بالنسبة للبشر على سطح المعمورة, ومن العبث أن نصف دولة يحكمها هذا السلوك, على أنه يمثل بعداً حضارياً, فالحضارة لا تكون بخلق الفتن وشن الحروب على الساحة الدولية والتي لا غاية لها سوى تحقيق المكاسب على حساب أمن واستقرار الشعوب الأخرى.  
د. محمد قاجو
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي


مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك