بات الهم المعيشي والضغط النفسي وظروف الحياة القاسية التي نعاني منها منذ عدة أعوام بسبب الحرب التي نواجهها الحديث اليومي والشغل الشاغل للمواطن السوري على اختلاف مستويات تفكيره ومستواه الاقتصادي ولدرجة بات يقول فيها اتركها لرب العباد فهو الرزاق تسليما منه وإدراكاً لصعوبة تأمين مستلزمات الحياة اليومية ولدرجة وصلت إلى عدم قدرته تأمين الجزء اليسير منها بسبب الغلاء الفاحش الذي طال كل شيء بدون استثناء أمام دخل بسيط جدا يكاد يكون معدوما ومتطلبات فرضت نفسها بقوة وخدمات ارتفعت تكاليفها عشرات الأضعاف دون أي تحسن فيها وضرائب التهمت مرافق الحياة تحت مسميات كثيرة وحجج واهية .
الواقع المعيشي وضرورة تحسينه كان موضع نقاش وبحث ومطالبة من قبل المنظمة النقابية في كل لقاءاتها ومؤتمراتها إيمانا منها بأهمية هذا الجانب وأثره على استقرار الحياة الاجتماعية للعامل والمواطن معا ولتحسين الحركة الاقتصادية من جانب آخر وقدمت الحلول والمقترحات المناسبة لمعالجته إلى الجهات المعنية أملاً منها بتحسينه إلا إننا وحتى الآن لم نر إجراءات حقيقية ملموسة وكل ما شاهدناه ورأيناه كلاماً ووعوداً جميلة كان المتهم فيها دائما ظروف الحرب والواقع الاقتصادي.
إن الزيادة التي طرأت على الرواتب خلال الأعوام الماضية لم تكن قادرة على تلبية احتياجات العمال ولم تكن تصل إلى المستوى الكبير لارتفاع الأسعار ما جعلها زيادات مؤقتة تفي بالغرض لفترة زمنية محددة.
إن المراقب لحركة السلع في الأسواق المحلية اليوم وعلى الرغم من أن هذه الأسواق تمتلئ بكل مستلزمات الحياة إلا أنها حركة ضعيفة اقتصرت على الحاجيات الأساسية وهذه الحاجيات اقتصرت على المهم منها وانتشرت ثقافات وعادات استهلاكية جديدة لدى المواطن هي الشراء بكميات محدودة بسبب الارتفاع الكبير للأسعار في ظل غياب رقابة تموينية على الأسواق وإن وجدت اقتصر عملها على تنظيم الضبوط التموينية التي يدفعها التاجر من جيوب المواطنين وعند حدوث أي انخفاض في الأسعار لا يكون بجهودها بل بسبب زيادة العرض وقلة الطلب.
إننا نعيش اليوم حالة من الانتعاش الاقتصادي بسبب تحرير معظم المناطق من الإرهاب وعودة عجلة الإنتاج وبالتالي يجب وضع رؤى واضحة الأهداف وبرامج تنفيذية من شأنها تطوير الواقع الاقتصادي ومعالجة الصعوبات التي تواجهه وخلق نقلة نوعية في العملية الإنتاجية والإسراع بتشغيل المعامل وتأمين مستلزمات الإنتاج ووضع سياسة ضريبية عادلة ودعم القطاع الزراعي ومعالجة مشكلات القطاع الخاص ورفع الرواتب والأجور بالشكل الذي يتناسب مع ارتفاع الأسعار.
إننا في المنظمة النقابية نتابع باهتمام هموم ومشكلات منشآتنا ومعاملنا وظروف عمالنا وكلنا أمل أن نشهد خلال الفترات القادمة تعافي اقتصادنا الوطني وارتقائه إلى مستويات الطموح وتضحيات شهدائنا وجرحانا.
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
حاتم الجغصي