بات من الواضح أن ما يجري في جنوب سورية وبالتحديد في الشريط المحاذي للجولان السوري المحتل يعود بنا بالذاكرة إلى العام 1976 عندما أقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حزاماً أمنياً (كما سمته) في جنوب لبنان ونصّبت العميل سعد حداد ومن بعده أنطوان لحد مسؤولاً عنه مع مجموعة من المرتزقة والمسلحين العملاء بهدف حماية شمال كيانها الغاصب، حيث تحوّل هؤلاء العملاء الخونة إلى "كلاب حراسة" وأكياس رمل في الجبهات الأمامية، إلى أن انهار هذا الجيش العميل تحت ضربات المقاومة الوطنية اللبنانية الأبطال الذين أجبروا جيش الاحتلال الصهيوني على الانسحاب من الجنوب، تاركاً فلول عملائه لمصيرهم المحتوم، حيث فروا إلى "إسرائيل" التي تخلت عنهم أيضاً حتى أن العميل لحد اضطر إلى أن يعمل بائع خضار في إسرائيل!
يبدو واضحاً أن "إسرائيل" تحاول معاودة الكرة في جنوب سورية ولكن هذه المرة من خلال المجموعات الإرهابية المسلحة ممن يسمون ثوار "الربيع العربي" التي سيطرت بدعم من إسرائيل على بعض المواقع قرب حدود الجولان وفي شمال وغرب درعا إذ تؤكد المعلومات أن ما تقدمه إسرائيل من دعم وإسناد لوجستي وعسكري واستخباراتي وصحي لهذه المجموعات يأتي في سياق التمهيد لهذه الخطوة /أي إقامة حزام أمني إسرائيلي/ تتمركز فيه هذه المجموعات وتتلقى الأوامر من جيش الاحتلال الإسرائيلي في العمل ضد الدولة السورية.
هذا وتأتي الاشتباكات الأخيرة بين الجيش السوي والمجموعات الإرهابية التي تحاول التمدد باتجاه مرتفع خان أرنبة ومدينة البعث في المنطقة المحررة من الجولان السوري إضافة لتدخل الطيران وسلاح المدفعية الإسرائيليين لمصلحة الإرهابيين عبر قصف مواقع سورية عسكرية هناك يأتي ذلك كله بهدف دعم الإرهابيين من خلال توفير غطاء ناري ومظلة لحماية هذه المجموعات ومساعدتها على إمكانية تحقيق تقدم ميداني ليكون ذلك بمثابة رسالة واضحة إلى سورية بهذا المعنى.
قائد الجبهة الشمالية ونائب رئيس الأركان الصهيوني السابق يائير جولان كان قد وضع خطة لإقامة حزام أمني داخل الأراضي السورية خصوصاً في كتلة القرى والبلدات الواقعة شمال الجولان وعلى الطريق الرئيسية التي تربط بين محيط القنيطرة ودمشق التي تخضع لسيطرة الجيش السوري وتتعرض لهجمات متواصلة من جانب المجموعات الإرهابية المسلحة بهدف الاستيلاء عليها.
ووفقاً لموقع "دافار" الإسرائيلي فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي توصلت إلى تفاهمات مع مجموعات إرهابية مثل جبهة النصرة وأحرار الشام وهما فصيلان تابعان لتنظيم القاعدة بشأن المنطقة وذلك لإبعاد الجيش السوري وقوى المقاومة المؤيدة له عنها.
هذا وكان المحرر العسكري لصحيفة "هآرتس" (ألوف بن) أكثر وضوحاً حول هذا الأمر عندما قال: "إن إنشاء منطقة حزام أمني في الجولان تسيطر عليها ميليشيات سورية موالية لإسرائيل بات في نظر القادة العسكريين شبيهاً بما كان يعرف سابقاً بجيش لبنان الجنوبي الذي كان يسيطر على الحزام الأمني الذي أقامته إسرائيل في جنوب لبنان".
موقع "واللا" العبري توقع من جهته أن تشهد الأسابيع القادمة تصعيداً عسكرياً في المنطقة المذكورة لتمكين "المعارضة السورية –حسب تعبير الموقع- من تحقيق إنجازات عسكرية في مواجهة الجيش السوري وحلفائه.. وفي حال تحقق هذا الهدف فإن خطوة إقامة الحزام الأمني تصبح أكثر سهولة"!
وهكذا فإن التدخل الإسرائيلي المباشر في الأزمة في سورية عن طريق دعم المجموعات الإرهابية عبر غارات جوية وقصف على المواقع السورية إضافة للدعم اللوجستي والذي أصبحت إسرائيل لا تخفيه إنما يستهدف إقامة هذا الحزام الأمني على الحدود مع سورية، كذلك فإن ما يجري في مناطق أخرى في الشمال والجنوب السوري من وضع اليد الأمريكية أو التركية عليها ورسم خطوط حمر هنا وهناك يرسم ظلالاً من الريبة على أهداف خبيثة مبيتة تستهدف كل الجغرافيا السورية وتصب كلها في مصلحة الكيان الصهيوني بشكل أو بآخر.
د.صياح عزام