ليس من حديث يجمع و يجتمع عليه السوريين .. بل ليس من حديث مشترك و متوافق عليه بين المواطن و المسؤول .. إلا الفساد ..
فمن يتابع و يسمع و يقرأ ... يلاحظ أنّ الجميع في سورية رافضٌ للفساد ... و الكل ينادي بمحاربته و تقويضه باعتباره أصل كل العلل التي نعاني و يعاني منها البلد ...
و لكن ما يلفت النظر هو أنّ الفساد مستمر و لم يتوقف لدرجة أنّك تسأل من هم المفسدون و أين هم الفاسدون الذين يرغب الجميع بمكافحتهم و تعليق المشانق لهم في ساحة المرجة .
أين هم تجار الأزمة الذّين لا يمر يوم إلا و يهاجمهم مسؤول حكومي حين يريد تبرير ارتفاع أسعار هنا أو تقصير هناك ؟
أين هم المتلاعبين بلقمة عيش المواطن من المحتكرين الّذين مدوا أيدهم حتى إلى الخطوط الحمر .. فوجب على كبار المسؤولين إطلاق التهديدات و الوعيد بحقهم ..
أين هم المضاربين بالدولار الّذين ظلوا رغم اكتشافهم يضاربون و ظلوا يتلقون الاتهامات و مع كل اتهام كانت دولاراتهم تزيد ..
أين كل أولئك المجهولين الذين يحملون تهمة الفساد صباح .. مساء دون أن نجد لهم أثر لا في محكمة و لا في سجن و في إعلام و لا حتى في ورقة تشير إلى اسم أي منهم .. إلا في حالة واحدة عندما يرفع الغطاء عن أحدهم أو تتم إزاحته خارج مملكة الرضى , أو حين يظهر فاسد منافس أكثر سطوة و نفوذاً ؟؟
ما أحوجنا إلى الشفافية و المصارحة .. على الأقل و نحن نتحدث عن الفاسدين فتظهر لنا الأسماء و ننتهي من التعويم ..
ما أحوجنا للتسميات قبل يصبحوا بعد قليل أشخاص وطنيين على اعتبار أن الوطنية هي كأي سلعة يمكن المتاجرة بها .. و هل كانت دماء الشهداء و أسرهم غير سلع تاجر فيها البعض ليثري و ليحصل على المزيد من المكاسب و النفوذ
.. ولعل حديث الرئيس بشار الأسد عن أن الوطنية هي شجاعة و ليست مجرد كلام ما هي إلا تعرية واضحة لهؤلاء الذين بلغوا مرحلة خطرة جداً من الفساد عندما لم يجدوا ما يمنعهم لا أخلاقيا و إنسانيا من المتاجرة بأقدس ما في البلد و هم الشهداء و الجرحى .
في كل الأحول ستقولون أننا أيضا نتحدث عن الفساد بصيغة المجهول ...
و نحن نقول لكم لقد وصل الفساد إلى درجة من النفوذ لم يعد بالإمكان معها المواجهة و لذلك نحن نطالب الدولة القيام بحركة تصحيحية جديدة تعمل على إزاحة الفساد و الفاسدين عن كاهل البلد الذي أعياه الفساد أكثر ما أعيته الحرب و الإرهاب ..
و لعل نقطة القوة الحقيقية التي نملكها و هو ما أثبتته ظروف الحرب نفسها ... أن سورية دولة مؤسسات تم بنائها بطريقة قوية و ذكية و عبر هذه المؤسسات و بسطوة القانون و بالقضاء العادل و المؤسسات الرقابية المستقلة و الإعلام النزيه يمكن الإطاحة بعروش الفساد حتى في أكثر مواقعه قوة و نفوذاً .. ليبقى السؤال ما الذي يمنع و قمة هرم الدولة حثت على مكافحة الفساد و تقويضه أينما وجد.
نكتب لكم هذه السطور ليس من باب التكرار و لكن بمناسبة بدء التحقيق في ملفات فساد من العيار الثقيل و الكبير أبطالها مسؤولين بمستويات مختلفة و متنفذون و أصحاب أموال ..
فها يجري الإفصاح عن هذا التحقيقات بشكل علني بعيدا عن المبني للمجهول حين وضع النتائج ... على الأقل لضمان عدم تغيير الحقيقة .. ؟