أقام المرصد العمالي للدراسات والبحوث التابع للاتحاد العام لنقابات العمال اليوم جلسة حوارية حول" المستوى المعيشي في سورية"، وذلك في مقر الاتحاد العام لنقابات العمال بمشاركة نخبة من الاقتصاديين والباحثين الاقتصاديين ومن الأكاديميين إضافة إلى أعضاء مجلس إدارة المرصد العمالي للدراسات والبحوث التابع للاتحاد العام.
سلّطت الجلسة الضوء على الواقع الاقتصادي الراهن في سورية وتأثيره على مستوى معيشة المواطن السوري من خلال محاولة تحليل السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية وواقع القطاعات الزراعية والصناعية والخدمات بهدف الخروج بمجموعة من المقترحات والتوصيات الرامية إلى تقليص الفجوة بين مستوى الدخل الراهن للمواطن السوري وبين مستوى انفاق المواطن في ظل الارتفاع الحاد بالأسعار وانخفاض القوة الشرائية للعملة، حيث سيقوم المرصد العمالي برفعها إلى المكتب التنفيذي للاتحاد العام لمناقشتها وإيصالها لأصحاب القرار.
أكد نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال ابراهيم عبيدو أن الاتحاد العام عمد إلى هذا اللقاء الحواري انطلاقاً من شعوره بالمسؤولية ومشاركته للحكومة في تخفيف العبء على المواطنين من خلال تحسين واقعهم المعيشي، ولبلورة الرؤى والمقترحات المقدمة من قبل الخبراء والأكاديميين المشاركين في هذه الجلسة وتدعيم المذكرة التي أعدها الاتحاد بهدف تقديمها للحكومة.
بدوره تحدث الدكتور عقبة رضى مدير المرصد العمالي عن دور المرصد في رصد الأداء الحكومي في كافة المجالات وتأثير ذلك على الطبقة العاملة ورصد الواقع الاقتصادي وانعكاسه على القوى الشرائية وعلى المستوى المعيشي للمواطن، لافتاً إلى أن الهدف من هذه الجلسة الحوارية توصيف الواقع الراهن والخروج بمقترحات تساعد في تخفيف الفجوة بين متوسط دخل الأسرة السورية ومتوسط الإنفاق، مشيراً إلى الضبابية التي تشوب مجموعة البرامج التي صرحت بها الحكومة لاسيما في ظل غموض الآليات التي ستنفذ بها هذه البرامج إضافة إلى المدة الزمنية اللازمة لتنفيذها، وأكد على ضرورة أن يتمخض عن هذه الجلسة ورشات عمل نوعية تدرس كل ورشة منها محور محدد بشكل تخصصي وينبثق عنها تعديل أو مقترح لتعديل في القوانين والأنظمة خاصة أن الموضوع القانوني له دور كبير في الإصلاح الاقتصادي.
من جانبه أشار عمر حورية عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام إلى أن الاتحاد العام يعمل منذ أشهر على توصيف الوضع المعيشي وهو الأقدر على ذلك حيث التقى الحكومة مقدماً شرحاً مفصلاً عن معاناة المواطنين بغية الوصول إلى حلول نؤطرها في مذكرة يتم رفعها للحكومة نشرح من خلالها رؤيتنا للحلول القادمة للمعيشة في سورية بصورة علمية حقيقية.
ثم قام الأكاديميون بتقديم أوراق عملهم ومقترحاتهم منطلقين من مبدأ شعور الجميع بالمسؤولية في تقديم خطوات في الاتجاه الصحيح لمساعدة الحكومة في ترجمة الخطط والتوصيات التي يخرجون بها بشكل ملموس على أرض الواقع، مؤكدين على ضرورة الابتعاد في المقترحات عن فكرة زيادة الرواتب والمطالبة عوضاً عن ذلك بزيادة التعويضات لاسيما وأن التعويضات الحالية غير منطقية وغير مقبولة في ظل الوضع المعيشي الراهن وأن زيادتها لن تؤثر على ارتفاع الأسعار، مع ضرورة دعم المشاريع الصغيرة التي من شأنها تمكين العاطلين عن العمل من المساهمة في الإنتاج الأمر الذي يحقق فائدتين بالقضاء على البطالة كذلك زيادة الإنتاج بالتالي خفض الأسعار.
وأكد المداخلون أنه وفي ظل الحرب غير النمطية التي نعيشها لا بد للحكومة أن تبتعد عن النمطية والكلاسيكية في تبريراتها للواقع الحالي وفي سياساتها التي تجعلها تدور في ذات الدوامة، مقدمين جملة من المقترحات أهمها ضرورة البحث عن مصادر إيرادات حكومية لخلق قيم مضافة وخلق فرص عمل وصولاً لرفع الأجور والرواتب إذ لا يمكن التفكير بزيادة الرواتب والأجور دون زيادة الإنتاجية، مشيرين إلى الهدر الهائل الذي يقدر بآلاف المليارات في عدة استثمارات لأملاك الدولة والتي من الضروري إعادة النظر بها لما في ذلك من أهمية بزيادة دخل الدولة بمليارات الليرات، كذلك ضرورة فرض ضريبة على المساكن الخالية وعلى الإنفاق الاستهلاكي لمرافق الخمس نجوم، مع السماح باستيراد السلع الكمالية غالية الثمن والتي هي موجودة فعلاً عن طريق التهريب مع فرض ضرائب عليها بما يحد من عملية تهريبها إضافة إلى دعم خزينة الدولة بمبالغ كبيرة، إلى جانب زيادة الضرائب على انتقال ملكية العقارات مرتفعة السعر.
وتركزت بعض المقترحات على ضرورة إعادة دعم القطاع الزراعي من خلال تامين مستلزمات الإنتاج وصولاً إلى دعم الاقتصاد الوطني ودفع عملية الإنتاج للسير من جديد، وشدد الأكاديميون على ضرورة ابتعاد الحكومة عن فكرة زيادة الرواتب والبحث في أسباب ارتفاع المواد الأساسية التي يحتاجها المستهلك وهو ما سوف يعطي نتائج إيجابية، ولفت البعض على أهمية طرح سندات الخزينة في فترات مختلفة وأن تذهب إلى القطاع الإنتاجي الحقيقي السلعي الزراعي النباتي الحيواني التحويلي والتي ستساهم في زيادة موارد الدولة، كما دعا البعض إلى ضرورة تطوير القطاع البنائي الإنشائي والتوسع به ما يساهم في تشغيل عجلة الإنتاج من جديد، مشددين على عدم زيادة الرواتب من خلال رفع أسعار المشتقات لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة كارثية على المستهلك وتحميله ثمن هذه التكلفة قبل أن تصل إليه.