مع اقتراب موعد مباحثات جنيف، والاستعداد السوري الثابت والدائم للتجاوب مع أي مبادرة صادقة لإيجاد حل سياسي للأزمة يحفظ وحدة سورية وشعبها، تعلو بعض الأصوات من هنا وهناك بالحديث عما سموه "مناطق آمنة" في محاولة منهم لتعويض هزائمهم في أرض الميدان ورفع معنويات إرهابييهم المنهارة تحت ضربات الجيش العربي السوري، والتعويض عن فشل مشروعهم الدنيء المرسوم لسورية والمنطقة.
ونحن على قناعة تامة بأنه لن تكون هناك "مناطق آمنة" إلا بعد القضاء على الإرهاب ووقف تمويله ودعمه من بعض دول الجوار والدول الغربية وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا ومشيخات النفط والنظام التركي، وعندها ستكون سورية آمنة بشكل كامل ، وفي ذلك الوقت سيكون بإمكان كل المهجرين السوريين الذين غادروا بلدهم تحت وطأة الاعتداءات الإرهابية والحصار الاقتصادي الجائر أن يعودوا إلى مناطقهم ومنازلهم وأن ينعموا بالأمن والاستقرار.
فكرة "المناطق الآمنة" غير واقعية على الإطلاق ولن تجد طريقها إلى التنفيذ، فما عجز الأعداء عن تحقيقه عسكرياً لن يستطيعوا الوصول إليه بأساليب أخرى تحت أي عنوان، والدولة السورية لن تقبل بأن يفرض أحد عليها شيئاً في غير مصلحة شعبها، وقد أثبتت السنوات الست الماضية صوابية هذا الكلام، فبالرغم من كل الإرهاب والمؤامرات لم تتراجع سورية عن مواقفها ومبادئ سياستها الوطنية والقومية الثابتة، ولم تتخل عن أي حق من حقوقها أو شبر من أراضيها.
وقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد في المقابلة مع موقع ياهو نيوز "أن المناطق الآمنة للسوريين يمكن أن تحدث فقط عندما يصبح هناك استقرار وأمن وعندما لا يكون هناك إرهابيون وتدفق ودعم لهم من قبل الدول المجاورة والدول الغربية وعندها يمكن أن يكون هناك منطقة آمنة طبيعية وهي بلدنا، وأن الأكثر قابلية للحياة والأكثر عملية والأقل كلفة هو أن يكون هناك استقرار وليس مناطق آمنة".
وبالمحصلة فإن سورية ماضية في عملية المصالحة ومكافحة الإرهابيين حتى تطهير كامل ترابها من رجسهم، وهي تستخدم كل الوسائل للدفاع عن سيادتها وأرضها وشعبها صاحب الحق في تقرير مستقبله ومستقبل بلده، بعيداً عن أي تدخل خارجي مهما كان نوعه أو حجمه، فأصحاب الأرض هم أصحاب الحق وهم من يعرفون بلدهم وما يحتاج إليه.
إن حل الأزمة في سورية يأتي من بوابة تجفيف منابع الإرهاب ووقف دعم الإرهابيين، وتشكيل جبهة واسعة وحقيقية من الدول الصادقة لمحاربة التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها بالتعاون مع سورية التي تحارب الإرهاب نيابة عن العالم أجمع، وقدمت في سبيل ذلك عشرات آلاف الشهداء والجرحى من أبنائها، وهي ما زالت مستمرة في حربها ضد الإرهاب أينما وجد على أراضيها، حيث حققت نتائج باهرة وانتصارات كبيرة وطهرت الكثير من المناطق وأعادتها إلى حضن الوطن آمنة مستقرة.
في المقابل هناك مسؤوليات ملقاة على عاتق مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة تتمثل في معاقبة ومحاسبة الأنظمة التي دعمت الإرهاب، وسوق قادتها إلى المحاكم الدولية جراء ما اقترفت أيديهم من قتل وسفك لدماء الأبرياء في سورية والعراق وغيرهما من دول المنطقة، والأولى بمنظمة العفو الدولية أن توجه أصابع الاتهام إلى داعمي الإرهاب ومموليه وتعمل على سوقهم إلى العدالة بدلاً من نشر تقارير منحازة ومسيسة ولا تمت للواقع بأي صلة، وتعكس فقط رغبات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التي تعيش حتى اليوم بعقلية محاولات الهيمنة على شعوب العالم ومصائرها.