بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للحركة التصحيحية المجيدة التي فجّرها القائد المؤسس الراحل حافظ الأسد، عقد المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال سورية اجتماعاً مع رؤساء اللجان النقابية الرفاق رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد عمال دمشق ورفاق رؤساء النقابات.
استهلّ الرفيق جمال القادري الاجتماع بتوجيه تحية إجلال وإكبار لأرواح الشهداء الذين امتزجت دماءهم بدماء الوطن المعطاء الذي يواجه حرب قذرة منذ ست سنوات، حرباً أراد أعداء سورية من خلالها إزاحتها من الوجود لأنها كانت الشوكة في حلوقهم وعقبة في وجه مشاريعهم التي رسمت بليل بعيداً عن مصالح أبناء المنطقة وكانت الصخرة المنيعة التي حطمت كل المشاريع بدءاً من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي هدف إلى تقسيم المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة ليسهل عليهم ابتلاعها ونهب خيراتها وتمهيد الطريق لتصبح اسرائيل الدولة الأقوى في المنطقة، واتضح ذلك من خلال مؤامراتهم التي أُحيكت ضد لبنان والعراق وفلسطين، والتي هبّت آنذاك سورية بجيشها وقيادتها الحكيمة في وجه هذه المؤامرات ودعم المقاومة الشريفة في هذه البلدان الشقيقة ، وكان لسورية ما أرادته وناضلت من أجله في إحباط هذا المشروعات والمخططات ومنع تنفيذ أي منها في منطقتنا العربية. وطبعاً ما هذه المشاريع إلا غيض من فيض مما رُسم للمنطقة من مشاريع امبريالية صهيونية لا تمت بصلة لمصالح الشعب العربي، والتي أحبطتها سورية بفضل السياسة الحكيمة التي انتُهجت في ظل التصحيح بقيادة القائد الخالد حافظ الأسد واستمرت في ظل مسيرة التطوير والتحديث بقيادة الرئيس بشار الأسد، ومن هنا اتضح عجزهم عن تنفيذ مشاريعهم من خلال المؤامرة والحرب على سورية.
وأكد القادري أن القيادة في سورية كانت تدعم كل شرائح المجتمع فتضاعفت رواتب العمال خلال العقد الأخير وضُمنت حقوقهم في تشريعات وقوانين وهي ظاهرة غير مسبوقة، فالعمال في سورية نالوا من الحقوق ما لم ينله العمال في كثير من دول العالم لدرجة وصلت إلى مشاركتهم بالقرارات السياسية والاقتصادية، فهم موجودون في كل المفاصل الإدارية والاقتصادية.
وتحدث القادري عن المؤامرة الكونية التي استهدفت سورية شعباً وقيادة والتي استطعنا إفشالها بصمودنا المتين الذي ما كان ليتحقق لولا القاعدة المادية الصلبة التي بنتها سورية في ظل التصحيح وطوّرتها في ظل التحديث، فالصمود ليس مسألة لحظية بل تراكمية فنحن صمدنا بما بنيناه وأنجزناه بعرق الشعب السوري الذي دفع فاتورة هائلة من دماءه ومن قاعدته المادية الصلبة عندما استهدف الإرهاب الأسود الجامعات والمصانع والبنى التحتية وسرقوا موارد الشعب، ورغم كل حقدهم وأدوات قتلهم وإجرامهم نحن اليوم مقبلون على نصر عظيم سيحققه شعبنا وعمالنا وجيشنا وقائدنا الحكيم الذي استطاع بحكمته وصلابته وتصرفه كقائد يدافع عن مصلحة شعبه وليس كرئيس أن يجنّب سورية المرحلة الأخطر في هذه المؤامرة.
وانطلاقاً من أهمية ذكرى التصحيح الغالية على قلوبنا ولما تعنيه في وجداننا كعمال في هذا الوطن عقدنا اجتماعنا هذا وأردناه أن يكون تنظيمياً خاصة أننا على أبواب ملء الشواغر التي تجري خلال الفترة القادمة تمهيداً لانعقاد المؤتمرات النقابية السنوية التي سنشهدها بداية العام القادم.
وأضاف القادري أن الهدف من هذا الاجتماع اطلاع الحضور على آليات العمل الجديدة في كافة مفاصل المنظمة النقابية، وستكون الفرصة واسعة أمام الجميع لطرح كافة القضايا الوطنية والنقابية دون أي سقوف لنتبادل الرأي جميعاً بما يصب في خدمة العمال الذين أصروا الذهاب لمعاملهم ومصانعهم لينتجوا لهذا الوطن أسباب الحياة والاستمرار والصمود فيحق لنا الفخر بعمالنا وبما قدموه من تضحيات جسام وبروحهم الوطنية التي كانوا يعملون بها، فشهدائنا من العمال قدموا أرواحهم وهم يعملون خلف الآلات ليس وهم ملتزمون منازلهم أو هاربون خارج وطنهم، ولا ننسى جرحانا الذين نجهد لتقديم كل ما أمكن لإعادتهم عناصر فاعلة في المجتمع.
وفيما يتعلق بالجانب النقابي تحدث القادري عن آليات العمل النقابي المترهلة والتي اعتدنا عليها في زمن الرخاء والبحبوحة والتي لا تتناسب مع الظروف الاستثنائية، إذ أصبح من الضروري أن ننتهج آليات عمل جديدة وأن نخرج كقيادات نقابية من حالات اللامبالاة التي ميزت أداء البعض لفترة طويلة، ونحن أمام مشكلة أننا في المنظمة النقابية اعتدنا أنماط روتينية في العمل لدرجة أن أغلب مؤتمراتنا واجتماعاتنا قتلها الروتين، وأصبحت لا تخرج بنتائج تخدم مصالح عمالنا.
وأكد القادري أن الهدف الأساسي للتنظيم النقابي هو خدمة العمال وملامسة همومهم ومقاربة مشاكلهم ليُصار إلى حلها وفق القوانين والأنظمة، وتساءل القادري:" هل نحن أوفياء لهذا الهدف ونعمل لأجله...؟"عند محاولتنا الإجابة سنجد بالطبع عند كل شخص منكم جوانب قصور في مكان ما، منوّهاً هنا إلى أهمية دور اللجان النقابية والتي هي أهم مفصل تنظيمي على الإطلاق لأنها تمثل قاعدة الهرم والواجهة التي نطل من خلالها على قاعدتنا العمالية العريضة التي تتواجد في كل مكان، وكلما أحسنا اختيار هذه اللجان كلما كانت إطلالتنا على العمال أكثر ايجابية والعكس صحيح.
وأشار القادري خلال الاجتماع إلى الصفات التي يجب أن يتحلى بها القائد النقابي من جرأة وموضوعية وفهم واسع لكل مفاصل العمل في المؤسسة التي يعمل بها إلى جانب التحلي بالمبادرة وروح المسؤولية وأن يكون شجاع متعاوناً مع الإدارات وناكراً لذاته غير ساع لمكاسب شخصية وجاء بشكل طوعي لخدمة العمال من خلال الإشارة بموضوعية وشفافية إلى مكامن الخلل والفساد الذي ينخر في مؤسساتنا.
وبهدف الارتقاء في كل مفاصل العمل قمنا بتشكيل لجان برئاسة أعضاء المكتب التنفيذي لزيارة مواقع العمل برفقة اللجان النقابية على امتداد ساحات الوطن، كما قمنا بوضع آلية جديدة سترونها مع صدور قانون التنظيم النقابي الجديد، فاللجان النقابية هي الأقدر على تفعيل الحياة النقابية لأن توليد النشاط في أي منظمة يأتي من المستويات القاعدية للأعلى وليس العكس، والمطلوب من هذه اللجان إذاً أن تكون وفية لأهدافها في خدمة الوطن فنحن منظمة تقوم على الرقابة الشعبية أيضاً وأحد أهم ركائز العمل الوطني رفي سورية، لذا نحن مطالبون في هذه المرحلة بمضاعفة الطاقات الإنتاجية من خلال تحفيز العمال والإشارة لمكامن الفساد والخلل والهدر بكل أشكاله في المؤسسات والتحلي بالشعور بالمسؤولية.
وحثّ الرفيق القادري في نهاية حديثه على ضرورة الارتقاء إلى مستويات الأزمة التي نعيشها من خلال استنفار الطاقات ومضاعفاتها متجاوزين بذلك الأزمة، وهذا دور اللجان النقابية في أن يكونوا أمناء للأمانة التي حملهم إيّاها العمال.
و طلب الرفيق القادري من الحضور أن تتصف مداخلاتهم بالموضوعية والشفافية، وأن تبتعد عن السطحية، وتركزت المداخلات حول التساؤل عن صدور قانون التنظيم النقابي وتعديلاته، وعن البطاقات النقابية للجان النقابية، والمطالبة بحضور جميع الإدارات للمؤتمرات النقابية، وتقديم الدعم المادي للجان النقابية ، وتركزت بعض المداخلات حول بعض حالات التسيب لدى أعضاء اللجان النقابية بسبب المحسوبيات والواسطة، وتحدث البعض عن وجود مكامن خلل وفساد لدى بعض الإدارات، كذلك طالب البعض بالطبابة والسلل الغذائية وتقديم اعانات مادية لبعض العمال المحتاجين.
بدوره ردّ الرفيق القادري على المداخلات التي جاءت في صميم العمل النقابي، مؤكداً أن قانون التنظيم النقابي في طريقه إلى الصدور وأن التعديلات ستتضمن آليات عمل جديدة وتفعيل أكبر لدور اللجان النقابية لتأخذ دورها الفعال في خدمة مصالح العمال، وأن ما طرح من قضايا عمالية هو موضع اهتمام ومتابعة على مدار الساعة والأيام القادمة ستثبت تحقق الكثير من المطالب التي قدمت.
وختم الرفيق القادري الاجتماع بتوجيه التحية لأرواح الشهداء الأبرار، مؤكدا على أهمية المصالحات الوطنية وضرورة وجودنا كطرف هام في هذه المصالحات فنحن كعمال نمثل أكبر شريحة وقطاع اجتماعي متواجدون في كل مكان وانطلاقاً من ذلك مطالبون جميعاً بالانخراط في المصالحات الوطنية بكل إمكانياتنا.
وباسم عمال سورية نجدد العهد دوماً أن نبقى في طليعة الصفوف المدافعة عن تراب هذا الوطن الذي نشمخ ونعتز بالانتماء إليه.