عقد الاتحاد العام لنقابات العمال بالتعاون مع جمعية العلوم الاقتصادية ندوة تحت عنوان " سوق العمل في سورية-الواقع والمقترحات"، بحضور الرفق محمد شعبان عزوز عضو القيادة القطرية رئيس مكتب العمال القطري والرفيق مالك علي رئيس المكتب الاقتصادي والرفيق جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال وريما القادري وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزراء الدولة لشؤون متابعة تنمية المنطقة الجنوبية والاستثمار وعدد كبير من الأكاديميين والنقابيين والباحثين
واستعرض المحاضرون أوراق عملهم حول واقع سوق العمل في سورية .
وبدأ النقاش المستشار السابق في هيئة التخطيط والتعاون الدولي عصام أوغلي الذي أكد على وجود مجموعة من العوامل التي تؤثر على سوق العمل في سورية منها النمو السكاني المرتفع، إضافة إلى التركيب التعليمي الذي يعد أهم العوامل المؤثرة على سوق العمل، وفي هذا الإطار قدم أوغلي مجموعة من المقترحات التي تساهم بالنهوض بسوق العمل ودورا عجلته، وأبرزها رفع قدرات العاملين القائمين على رأس عملهم عن طريق التدريب والتأهيل بما يتناسب مع متطلبات العمل واحتياجات المؤسسات والجهات القائمة ورفع إنتاجية العمل، إضافة إلى ضرورة تأمين فرص عمل للداخلين الجدد على سوق العمل بما يتناسب مع احتياجات التنمية، كذلك إلحاق طالبي العمل بدورات تأهيلية بهدف تخفيض نسبة البطالة.
من جهته أشار الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية إلى وجود انعكاسات سلبية للأزمة في سورية أثرت بشكل مباشر على عرض العمالة الفنية الإنتاجية إلى جانب العديد من الأسباب الموجودة قبل الأزمة لا يمكن تجاهلها وكان لها أثر واضح على سوق العمل كتوقف جزء من المعاهد الحرفية والفنية المهنية دون اكتراث الجهات القائمة عليها بحل مشكلتها، وقلة الاهتمام المادي والمعنوي بهذه المعاهد، والمشكلة الأبرز هي غياب الجدية في التدريس والتدريب م أدى إلى تخريج فئات تفتقد الكفاءة في العمل
وتابع فضلية كلامه بالتأكيد على وجود خلل في هيكلية سلسلة الرواتب والأجور بالنسبة لحاملي المؤهلات المهنية والتي لا تتناسب بشكل أو بآخر مع طبيعة عملهم.
وفي سياق آخر تحدث فضلية عن مشكلة العمالة في القطاعين الصناعي والزراعي وكلا القطاعين يعانيان من مشاكل إنتاجية تتمثل في انزياح الخارطة الجغرافية، وتركز العمالة في مناطق معينة دون غيرها، مشيراً لوجود علاقة بين هجرة المزارعين وهجرة العمالة الصناعية، مؤكداً أنه لابد من معالجة ضعف الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي، إلى جانب معالجة الخلل في التركيب الكمي للعمالة في هذا القطاع لأن حل هذه المشكلات مرتبط بشكل مباشر بمعالجة القضايا التي تعاني منها العمالة في القطاع الزراعي.
كما تحدث الدكتور أحمد صالح عن التنمية الشاملة التي تكمن في تحقيق عوائد أكبر وبنسب جيدة إضافة لإتاحة فرص عمل للجميع، مشيراً إلى وضع القوى العاملة قبل عام 2011 حيث أشار إلى أن معظم قوة العمل خارج إطار الضبط والتنظيم، ومعدل البطالة كان 84% معظمها من فئة الشباب، كما أن ثلث العمالة موجودة في القطاع العام، مشيراً إلى غياب برامج تعويضات البطالة، وعدم وجود إحصائيات صادقة إضافة إلى التباين بين إحصائية وأخرى.
ولفت صالح إلى التحول الهيكلي الذي حدث في قوة العمل حيث إن هناك انخفاضاً في مساهمة قوة العمل في الناتج الصناعي وانخفاض في القيمة المضافة لدى القطاع الصناعي واختلال السياسات الكلية الاقتصادية من خلال عدم كفاءة الأسواق وعدم وجود استثمار والأهم اختلال منظومة الأجور.
وفي سياق آخر تحدث عن أهمية الصناعة التحويلية التي تلعب دوراً هاماً في النمو وتمتص فائض العمالة غير المؤهلة، مؤكداً أننا بحاجة إلى تحديد هوية الاقتصاد، إذ إن إدارة الاقتصاد في القطاع العام مترهلة وروتينية في حين أننا اليوم بأمس الحاجة لتبني مشروعات الاستثمار الصغرى.
كما تحدث صالح عن مشكلة التمويل وضعف ربط السياسات الزراعية والإنتاجية والصناعية وغياب منظومة الابتكار.
وأكد أن إصلاح القطاع العام يجب أن يكون أولوية وأن يكون على رأس قائمة الأمور التي يجب معالجتها، مع التركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير مناخ للاستثمار مع توفير تمويل كافي لهذه المشروعات، مشيراً إلى ضرورة أن تساهم قوة العمل في الناتج الصناعي وزيادة القيمة المضافة في القطاع الصناعي.
وتركزت مداخلات الحضور حول عدة نقاط أهمها تدني نسبة العمال وضرورة إيجاد أفضل الطرق لاستيعاب عدد أكبر من العمال، إضافة إلى أهمية وضع تصورات مباشرة وعملية للمأزق الاقتصادي والعمالي فالإرهاب الذي تعرضت له سورية قضى على ديناميكيات الاقتصاد.
كما طالب بعض المداخلين بوضع حلول ومقترحات للمشكلات التي يعاني منها سوق العمل بعيداً عن التوصيف، إضافة إلى ضرورة إجراء مسابقات صادقة تؤمن فرص عمل جدية، وتعديل القانون الأساسي للعاملين في الدولة، إلى جانب البحث عن شروط جديدة لانتقاء اقتصاديين خاصيّن للنهوض بسوق العمل من جديد خلال وبعد الأزمة بحيث يتمكنوا من خلق فرص عمل جديدة لجميع فئات وشرائح المجتمع.
ولفت بعض المداخلين إلى أن تطوير سوق العمل هو مهمة مجتمعية ولكن لا يوجد كيان واضح لسوق العمل لذلك لابد من توصيفه بشكل دقيق، ووضع الحلول السريعة بهدف تحقيق النمو الاقتصادي وحل المشكلات التي يواجهها سوق العمل، إلى جانب ضرورة إعطاء أهمية كبرى للتعليم حتى لا تظهر قوة عمل أمية تؤثر سلباً على تقدم المجتمع.
بدورها أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل أن الوزارة حالياً تتجه للتركيز على التعليم المهني، إضافة إلى توجيه الطاقة البشرية بشكل مدروس، مشيرة إلى ضرورة وأهمية وجود مؤشرات وبيانات موثوقة من قبل المراصد العمالية سواء المتواجدة في الوزارة أو المرصد العمالي الذي أحدث مؤخراً في الاتحاد العام لنقابات العمال بحيث تساعد هذه المؤشرات على ربط مخرجات التعليم بسوق العمل، ولفتت القادري إلى أن المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر هي المشغل الأساسي لاستقطاب عمومية الكوادر السورية التي تحتاج لفرص عمل.
نحن نؤهل أنفسنا اليوم بمرحلة إعادة الإعمار بعد أن لاحت تباشير النصر بالأفق القريب...من هنا بدأ الرفيق جمال القادري حديثه عن أهمية انعقاد هذه الندوة اليوم خاصة وأن سوق العمل في سورية كما هو الواقع الاقتصادي يعاني من تحديات تشوهات كبيرة، والتحدي الأبرز هو استقالة وزارة العمل عن دورها في تنظيم سوق العمل، ولعل من أهم التحديات في سوق العمل هو سياسات التعليم التي تنتج في بعض مفاصلها حالات أميّة ذلك أنه عند تخرج هؤلاء الطلبة وانخراطهم بسوق العمل نكتشف أنهم بحاجة كبيرة إلى اعادة تدريب من جديد، فالعامل الأهم في تقويم سوق العمل هو اعادة النظر في سياسات التعليم لتكون موائمة بالكم والنوع لمتطلبات سوق العمل بالتالي ضرورة ربط مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل بحيث يتم تخريج طلاب من المعاهد والجامعات قادرين ومتسلحين بمعرفة كاملة لمتطلبات العملية التنموية وحاجة سوق العمل.
وتحدث القادري في كلمته عن غياب سياسات التأهيل المجدية والمفيدة فمديريات التدريب والتأهيل في كافة المؤسسات لم تحمل طابع الفائدة وكان أغلبها دون مردود، رافضاً التحدث عن وجود فائض في العمالة في سوق العمل اليوم فما نعاني منه هو نقص كبير في اليد العاملة وما لم نقوم بتشخيص المشكلة لن نصل إلى حلول.
وأشار القادري في ختام حديثه إلى التحديات التي تواجه سوق العمل وأبرزها التناقض الكبير بين السياسات الاقتصادية المتضمنة السياسات النقدية والمالية التي تخرج سوق العمل من المشاكل التي يعانيها، مشيرا إلى وجود تقاعس مقصود سابقاً عن استخدام أدوات السياسة النقدية والمالية التي لها دور أساسي في دوران عجلة سوق العمل.كما أشاد الرفيق القادري بجميع المقترحات التي تم طرحها خلال الندوة مؤكدا أن المرصد العمالي للدراسات والبحوث سيصار إلى بلورة كل المقترحات التي وردت وستُبنى عليها ورشات أكثر تخصصا للوصول إلى شيء جديد ومثمر ومقترحات نضعها بيد صاحب القرار.
2016/10/17