تنطلق بعد أيام في جنيف المباحثات بين الحكومة السورية وما يطلق عليهم "معارضة" للوصول إلى حل سياسي للأزمة، بعد نحو خمس سنوات من حرب إرهابية تشن على أبناء الشعب السوري الذي تحمل وعانى الكثير، إلا أنه لم يتنازل ولم يتراجع عن مبادئه الأساسية وقيمه الوطنية النبيلة التي تربى عليها وكان فيها مثالاً يحتذى، ونستطيع القول إن التاريخ لم يشهد من قبل صمود شعب كالشعب السوري.
يذهب وفد الجمهورية العربية السورية إلى جنيف حاملاً آمال وآلام الشعب السوري والجميع يعول عليه في تحقيق انتصار سياسي يحافظ على سورية ووحدتها وسيادة قرارها الوطني الذي حاول الإرهابيون ومن يقف وراءهم أن يجعلوه مرتهناً لقوى الاستعمار والرجعية لتحقيق أطماع داعمي الإرهاب في سورية خصوصاً والمنطقة عموماً.. والجميع يعلم أننا سنحاور الدول والقوى التي تدعم الإرهاب، فما يسمى "معارضة" مجرد بيادق وأدوات بيد أسيادهم ومعلميهم، فهم لا رأي ولا دور لهم في ما سيجري في تلك المحادثات -التي ستكون بشكل غير مباشر- أو في ما سينتج عنها، باعتبارهم يتلقون التعليمات مباشرة من مشغليهم ومن غرف وأقبية الاستخبارات الأميركية والتركية والسعودية فهم متعددو الانتماءات والولاءات ولا يجتمعون إلا على القتل والدمار والتخريب.
بعد سلسلة الانتصارات الأخيرة التي حققها بواسل الجيش العربي السوري وإعادة السيطرة على مساحات واسعة في أرياف اللاذقية وحلب والتقدم الذي تحقق في درعا، يبدو الأميركي ومعه التركي والسعودي والفرنسي وجوقة التآمر في محاولة تموضع جديدة، فبعد أن راهنوا كثيراً على إحداث تغييرات ملموسة على الأرض، ها هم يخضعون للأمر الواقع رغم محاولاتهم المتكررة لإفشال أي جهود تصب في خانة إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية ومحاربة الإرهاب بشكل جدي لا استعراضي كما جرى حتى الآن، وعلى كل حال فقد استطاعت معظم شعوب العالم كشف ضحالته وعدم فعاليته على الأرض، إذ إن القوة الوحيدة التي تحارب التنظيمات الإرهابية في سورية هي الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة له بدعم من الطيران الحربي الروسي الذي يشكل سنداً رئيسياً لعمليات التقدم والهجوم البري لبواسل جيشنا.
سورية أكدت أكثر من مرة -وطبعاً هذا رأي وموقف الشعب- أنها لن تتحاور مع إرهابيين ومرتزقة سفكوا دماء السوريين ودمروا بلدهم وكانوا أدوات بيد الطامعين والحاقدين، فأصحاب الفكر التكفيري الوهابي الإرهابي لا حوار ولا مباحثات معهم، مهما حدث، وما فشلوا في الوصول إليه عبر إجرامهم وإرهابهم لن يستطيعوا تحقيقه عبر محادثات جنيف أو سواها، ولن يكون مصيرهم إلا السحق على أيدي بواسل الجيش العربي السوري.
وبالرغم من محاولات التهويل والتشويش الجارية من قبل بعض القوى التي بدأ البساط يسحب من تحت أقدامها على وقع الانتصارات الميدانية لبواسل جيشنا واندحار المرتزقة الإرهابيين في أكثر من منطقة، تبقى الأمور لصالح سورية وشعبها مدعومة من القوى الحية والشريفة في العالم.
اليوم نذهب مجدداً إلى جنيف وتبقى صور الشهداء الذين ارتقوا دفاعاً عن الوطن ماثلة في الأذهان والقلوب، ووفاء لمن ضحى بأغلى ما يملك فداء لسورية المقاومة، لن نتنازل عن سيادتنا وقرارنا الوطني المستقل، ولن نهادن الإرهاب وداعميه تحت أي عنوان، بل سنحافظ على الأمانة التي ضحى لأجلها شعبنا الصامد والصابر وقدم لها الغالي والنفيس وجابه العدوان بكل عنفوان وبسالة ولم ولن يرض الذل والهوان، مهما اشتدت الهجمة وكاد المتآمرون والقتلة.
إن غداً لناظره قريب، وغد النصر الكبير والنهائي على الإرهاب الدولي على الأبواب وإنا نراه اليوم أقرب من أي وقت مضى، ولأن الأهداف الكبرى لا تتحقق بالأمنيات، فقد قدم أبناء سورية الشرفاء الكثير الكثير لتحقيق غاياتهم السامية في بقاء وطنهم سيداً حراً مستقلاً لا تابعاً كإمارات ومشيخات النفط والغاز التي بدأت تحصد ثمار ما زرعته في المنطقة من قتل وموت ودمار.
وبواقعية شديدة نستطيع أن نؤكد بلسان كل السوريين الشرفاء وفي القلب منهم طبقتنا العاملة الوفية أنه مهما تعددت محطات جنيف وأمثالها ومهما زادت الضغوط واشتدت المؤامرات سيبقى الثبات السوري المتكئ على صمود شعب جبار وجيش باسل وقيادة حكيمة راسخاً لن يتزحزح أبداً.
2016/1/24