برعاية رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري أقام الاتحاد المهني لنقابات عمال الخدمات العامة الملتقى المهني الأول بعنوان "القطاع الصحي في ظل الأزمة ، واقع وآفاق" بحضور الدكتور نزار اليازجي وزير الصحة ورئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الخدمات نبيل العاقل.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري في كلمته أن الملتقى يهدف إلى مقاربة كافة القضايا التي واجهت سورية خلال الأزمة مؤكداً على أن أهم سبب للهجوم على سورية هو أنها استطاعت بقيادة الرئيس بشار الأسد أن تنجز تنمية طموحة بمواردها الذاتية دون أن تمد يدها لمؤسسات الإقراض الاستعمارية، وأن تحقق تنمية اقتصادية رغم ضخامة التحديات، لافتاً إلى أن المدن الصناعية التي أنشئت قد أسهمت في توطين كثير من الصناعات التي كنا نستوردها في السابق، حتى أن هناك من يقول إن سورية كانت قد قاربت على الخروج من دائرة العالم الثالث لو لم تحدث هذه الأزمة.
وأكد القادري على أن صمود سورية في وجه جميع التحديات لم يكن بمحض الصدفة وإنما مرده إلى هذه البنية التحتية الهائلة، كما أن سورية بقيت مستقلة في قراراتها الوطنية وعلاقاتها الإقليمية والدولية لأن قرارها الاقتصادي لم يرتهن، ولفت القادري إلى أن القطاع الصحي شهد توسعاً كبيراً شمل كافة المناطق السورية، لذلك فإن هذه البنى الصحية استطاعت أن تؤمن صمود سورية على امتداد سنوات الأزمة ، فما بني في سورية على امتداد السنوات السابقة هو ما مكنها من الصمود.
وأضاف القادري: " نقدر للقطاع الصحي جهوده لأنها كانت استثنائية، فالعبء النسبي على هذا القطاع أكبر من غيره من القطاعات، وهو اليوم يمارس دوراً محورياً في معركة الصمود، لذلك علينا في حواراتنا أن نكامل الرؤى حول هذا القطاع وأن نسلط الضوء على كافة مناحي الخلل إن وجدت، فالعامل الأساسي في القطاع الصحي هو العنصر البشري، لذلك علينا أن نحكم ضمائرنا ونؤدي ما هو مطلوب منا بالشكل السليم لنقدم الخدمة الصحية الأفضل للمواطن، ونحن مطالبون بتصليب صمود اقتصادنا وتحسين خدماتنا وترميم كل التداعيات التي تأثر بها كل قطاع خلال الأزمة.
بدوره شكر وزير الصحة الدكتور نزار اليازجي كلاً من الرفيق جمال القادري ونبيل العاقل على هذا الملتقى المهم والجاد، واستعرض اليازجي الواقع الصحي في سورية وما تعرض له بفعل الإرهاب الممنهج، مؤكداً على أن القطاع الصحي شهد قبل الأزمة تطوراً ملحوظاً وخاصة في مجال صحة الأم والطفل، وانخفضت وفيات الأطفال دون خمس سنوات، فكان هناك 70 معملاً يغطي 93% من احتياجات السوق ويتم التصدير إلى 58 دولة وكان الاستيراد يقتصر على بعض الأدوية النوعية، لكن الأعمال الإرهابية والعقوبات الاقتصادية أثرت بشكل كبير على هذا القطاع، وأضاف اليازجي: "أثرت الأزمة على القطاع الصحي إذ استهدفت المجموعات الإرهابية البنى التحتية الصحية ما أدى إلى خروج 33 مشفى عن الخدمة من أصل 133 مشفى. وكان يوجد 1994 مركزاً صحياً على مساحة الوطن خرج منها 692 من الخدمة, و فقدنا 202 شهيد في القطاع و143 جريحاً، كما زادت العقوبات الاقتصادية من معاناة قطاع الصحة ومن الأعباء الملقاة عليه في استجرار اللقاحات و تأمين الأدوية".
وأكد نبيل العاقل رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال الخدمات على أن القطاع الصحي تعرض كغيره من القطاعات إلى التدمير الممنهج فقد دمر الإرهابيون المشافي ومؤسسات الرعاية الصحية بعد سرقتها، كما قتلوا وخطفوا الكوادر الطبية وسيارات الإسعاف، مشدداً على أهمية الملتقى بما يثيره من أفكار معمقة ونقاشات جادة واقتراحات بناءة تسهم في تعزيز عملنا وتغني طموحات عمالنا وتزيد من قدرتنا على معالجة الصعوبات وتجاوز السلبيات وتحقيق ما نطمح إليه.
واستعرض المشاركون في الملتقى جملة من المطالب والمشكلات التي تواجه القطاع الصحي والعاملين فيه، إذ طالبت رئيسة نقابة الصحة في حماة سمر زحلوق بإصلاح جهاز المرنان المغناطيسي وبتفعيل جهاز القثطرة القلبية في مستشفى حماة الوطني، وبدوره طالب رئيس نقابة الصحة في السويداء بتشميل المتقاعدين بالضمان الصحي وتثبيت العمال المؤقتين والتأمين على سيارات الإسعاف والعمل على زيادة عدد الأطباء المقيمين بمستشفى الباسل في صلخد والإسراع في إنجاز مستشفى شهبا.
كما دعا رئيس نقابة الخدمات الصحية في دمشق سامي حامد إلى وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب لرفع وتيرة العمل ومحاربة الهدر، وطالب رئيس نقابة الصحة في درعا مصعب حميد بإصلاح جهاز المرنان المغناطيسي في المشفى الوطني، وتثبيت العمال الذين وظفوا في عقود تشغيل الشباب وتشميلهم بالتأمين الصحي. بدورها دعت رئيسة اللجنة النقابية في مستشفى الأطفال فيروز محمد لرفع نسبة تعويض العمل للعاملات في مشفى الأطفال وضرورة توسيع الملاك العددي للمشفى، وطالبت غادة يونس عضو لجنة نقابية في اللاذقية بزيادة الاعتماد المخصص لها من وزارة الصحة، وتأمين جهاز قثطرة قلبية وإجراء دورات تدريبية للمهندسين لإصلاح الأجهزة في المشافي. ودعت فاطمة غضروف رئيسة اللجنة النقابية في مستشفى المواساة إلى تعديل النظام الداخلي للمستشفى وتشميل المتقاعدين بالتأمين الصحي. وبدوره طالب مدير صحة الرقة الدكتور مصطفى الأحمد بصرف تعويض عمل لموظفي صحة الرقة.
وبعد انتهاء المداخلات أكد عبد القادر النحاس على أنه سيتم تنفيذ 80% من هذه المطالب داعياً إلا أن لا نضع الظروف عائقاً أمامنا، وبدوره قال عمر حورية أمين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لنقابات العمال: إن قطاع الصحة كان قطاعاً رائداً قبل الأزمة، وإنه أثبت نفسه على الأرض لافتاً إلى أنه رغم كل الظروف فإن عمال الصحة أصروا على الاستمرار في تقديم الخدمة الطبية، وأن تسرب العمال من هذا القطاع هو مشكلة يجب أن تتصدر أولوياتنا.
ورد معاون وزير الصحة حسان على جملة المطالب والاقتراحات التي قدمها المشاركون في الملتقى، إذ أكد أن وزارة الصحة قدمت التسهيلات اللازمة لمعامل الأدوية، وقامت بدعم وتطوير التشريعات المتعلقة بالسلامة المهنية وتعديل قانون المشافي الخاصة، وبخصوص الملاكات العددية للمشافي أشار إلى ضرورة التريث لأسباب مالية، وفي ما يتعلق بالأنظمة الداخلية فإن 70% منها قد أنجز، وتم تحديد الأسبوع القادم موعداً لمناقشتها، أما فيما يتعلق بالأجهزة الطبية أن الوزارة تدرس 39 بنداً من التجهيزات الهامة التي تلبي حاجة القطر، كما أن هناك عقدا لاستيراد سيارات الإسعاف حيث سيتم توزيعها حسب حاجة المحافظات.
وبدوره أجاب معاون وزير الصحة للشؤون الفنية الدكتور أحمد عن بعض المطالب الأخرى إذ أكد على أن وزارة الصحة تقوم بتأمين الأدوية للأمراض المزمنة والسرطانية عبر استيراد الدواء من الدول الصديقة، كما لفت إلى أن المعايير الفنية العالمية للخطورة على عمال الأشعة مطبقة بالفعل، وأن هناك تكامل مابين وزارة الصحة ووزارة التأمينات الاجتماعية بخصوص الأعمال الخطرة.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في مقابلة على هامش الملتقى أن قطاع الصحة لعب دوراً كبيراً في تصليب الصمود السوري فنحن اليوم في أزمة وطنية ناجمة عن ظروف الحرب، لذلك فإن هذا الملتقى جاء لمقاربة المشاكل والصعوبات التي تواجه هذا القطاع برؤية مشتركة إدارية ونقابية وبتكامل هذه الرؤى نستطيع أن نصل إلى ورقة عمل علمية منطقية قابلة للتطبيق.
بدوره أكد وزير الصحة نزار اليازجي على العمل الجاد من خلال البرامج الموضوعة لفرق الترصد الوبائي مستمرة، وحتى هذه اللحظة ليست لدينا أوبئة رغم استمرار دخول الإرهابيين منذ 5 سنوات، وأشار اليازجي إلى أن لقاحات الأطفال مؤمنة لجميع المناطق من خلال الهلال الأحمر، وأن لدينا استراتيجية دائمة لاستمرار تأمين الأدوية المزمنة والسرطانية.
وأكد سامي حامد رئيس نقابة الخدمات الصحية في دمشق أن هذا الملتقى هام جداً في ظل الظروف التي تتعرض لها سورية ومحاولة استهداف مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية والبنى التحتية فيها ومن الضروري معرفة أهم العقبات والصعوبات التي تواجه القطاع الصحي ومحاولة تجاوزها لضمان صحة وسلامة المواطنين، فالقطاع الصحي وقف جنبا إلى جنب مع جميع مؤسسات الدولة لمواجهة هذه الحرب الكونية ضدنا .
بدوره أكد الدكتور ماهر الحداد مدير عام الهيئة العامة لمشفى الهلال الأحمر العربي السوري أن هذا الملتقى هام جدا وتأتي أهميته من دراسة الواقع الصحي بكل مشاكله. وحاليا نحن في مرحلة النهوض والبناء فعلينا أن نجمع جهودنا استعداد لهذه المرحلة وأضاف: فيما يخص الأمراض التي تنتشر في ظل الأزمة فنحن لم نصل لمرحلة الوباء فوزارة الصحة متابعة لكل الأمراض وتحرص على الحد منها حتى لا تنتشر .
كفاح العمال الاشتراكي