لقد أصبحت مشكلة الخلل بين دخل المواطن بشكل عام وذوي الدخل المحدود بشكل خاص وبين الأسعار مشكلة مزمنة لدرجة أصبح فيها المواطن يخاف من مجرد نشر خبر عابر عن زيادة الرواتب فهكذا خبر يؤدي فوراً إلى سيلان لعاب التجار على زيادة الأسعار حتى ولو لم يكن الخبر صحيحاً وكما هو معروف فإن الزيادة عندما تقع على الأسعار لا تتراجع مهما تعددت الأسباب المنطقية للتراجع.
وعندما تتم زيادة الرواتب وتصبح حقيقة واقعة تكون الكارثة مضاعفة على طبقة ذوي الدخل المحدود لأن هذه الطبقة تحتاج لمرور شهر على الأقل لقبض الزيادة بينما التاجر يرفع السعر مباشرة دون حسيب أو رقيب و إن وجدت المحاسبة والمراقبة فهي خجولة جداً في حماية المواطن وكأنها تمارس الخطيئة في السر ، ولكي نكون منطقيين يجب أن نعترف أن السوق السورية لم تعد متقاربة كالسابق من ناحية الارتباط ببعضها البعض نتيجة الأعمال الإرهابية التي استهدفت الطرقات ومارست عملية عزل داخلية لمساعدة الحصار الاقتصادي الخارجي الجائر في تحقيق أهدافه ضد سورية إضافة إلى قيام هذه المجاميع الإرهابية بالإمعان في تدمير البنى التحتية داخل البلد ما جعل معاناة الفلاح والعامل مضاعفة أما المستفيد فهو التاجر والتاجر فقط ، فالفلاح لم يعد يستطيع تسويق محاصيله هذا إن استطاع أن يؤمن مستلزمات الزراعة والعامل لم يعد لديه قدرة شرائية نتيجة تضاعف الأسعار فأصبح العامل والفلاح والمواطن البسيط فريسة سهلة إما لتاجر جشع أو إرهابي قذر والكل يصرخ هنا أين الحل ؟
من وجهة نظرنا الحل يجب أن يكون عبر أدوات الدولة في التدخل الإيجابي لإيجاد فارق بين أسعار السوق الباهظة وأسعار مؤسسات الدولة ذات الطابع التدخلي السريع ، ولقد رأينا أن هناك إمكانية لإصلاح الخلل بين الدخل والأسعار من خلال التصريح العلني الذي أعطاه وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك قبل أشهر على وسائل الإعلام حيث قال : ( إن الدولة يمكن أن تلجأ إلى إغلاق سوق الهال وفتح سوق هال جديد تحت إدارة ورقابة الدولة من أجل ضبط الأسعار ) وقد توجس التجار خوفاً من هذه الخطوة الجريئة ولكن ما حصل أن هذا التصريح بقي مجرد تصريح ليبقى التاجر متغولاً على طبقة الكادحين وليبقى العداء مزمناً بين الدخل والأسعار وهذا ما يجعل المعاناة تستمر لتزداد الهوة بين طبقات المجتمع هذه الهوة التي يمكن أن تؤسس لصراع جديد بأدوات جديدة لا يعلم بنتائجها إلا الله.
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
زكريا شحود