(تاميكو هي شبابي وكهولتي.. هي عائلتي وأولادي ... هي كل حياتي..)
(تاميكو اسم من ذهب..)
(الله يعيد عزك يا تاميكو..)
(تاميكو هي الأم الحاضنة ..هي العز .. هي كل شيء في حياتي..)
كلمات تغنى بها عمال أمضوا عمرهم في الشركة .. أعطتهم وأعطوها.. وعاشوا فيها .. ودافعوا عنها.. وصمدوا فيها..
وإلى الآن لا يزال عمال الشركة الطبية العربية (تاميكو) يتذكرون بشوق وحنين تلك الأيام التي قضوها في رحاب صالات الشركة وبين آلاتها وخطوط إنتاجها التي استمرت على مدى عقود طويلة تنتج الدواء للإنسان وتقدم له العلاج بمواصفات عالية جداً وبجودة وفاعلية لم تستطع حتى الآن أن تصل إليها باقي الشركات المنتجة..
وإلى اليوم لا يزال عمال الشركة يتذكرون كيف صمدوا واستمروا في العمل والإنتاج، رغم وقوع مقر الشركة بالمليحة بريف دمشق على خط المواجهة مع العصابات الإرهابية المسلحة، وبقوا متمسكين بشركتهم إلى آخر لحظة قبل أن يقتحمها الإرهابيون ويعيثوا فساداً ودماراً بها وسرقة محتوياتها وتجهيزاتها و..
يقول عهد الديري رئيس مكتب نقابة عمال الكيميائية باتحاد عمال دمشق إنه ورغم الظروف القاهرة التي تعرضت لها الشركة والخسارات الكبيرة التي تقدر بالمليارات بسبب الاعتداءات الإرهابية المتكررة، والدمار الذي لحق بمنشآتها وخطوط إنتاجها، إلا أن ذلك لم يثن عمالها وإدارتها عن الاستمرار في العمل والإنتاج، حيث تمت إعادة تأهيل أقسام في المبنى التابع للشركة الواقع في باب شرقي، وتم نقل الآلات إليه من معمل المليحة، ومنها قسم الأقراص وقسم الكبسول وقسم التغليف واستمر الإنتاج لتغطية حاجة السوق المحلية من المستحضرات الطبية وتأمين عدم انقطاعها، خاصة في ظل الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد، وصعوبة الحصول على الدواء والمواد الأولية اللازمة لإنتاجه.
وبالتأكيد لم تعد الشركة قادرة على إنتاج كافة الأنواع التي كانت تنتجها في السابق والتي منها المضادات الحيوية المختلفة (مكسسيلين، أوفربين، سيفالكس، أوفر كلوسين، تتراسكلين..)، وكذلك الأقراص (سيتامول، تاميرين، غلوستان، فولفين، ديكوستامين، فلاجيل، سوبريم، ...) وكذلك الشرابات الدوائية الجافة والمعلقة والسائلة، والأنبولات، والمراهم الجلدية، والتحاميل والسيرومات، وكذلك مستحضر تاميلاك الذي كان من أفضل أغذية الأطفال الموجودة في أسواقنا المحلية.
أما اليوم لم يعد متاحاً للشركة أن تنتج كل تلك الأصناف، بسبب الواقع الراهن للشركة والظروف القاهرة الناجمة عن الاعتداءات الإرهابية، حيث ينتج معمل دمشق المضادات الحيوية والأقراص بأنواعها، إلى جانب إحداث قسم خاص بإنتاج سائل غسيل الكلية (الرينال تام).
ومع ذلك فإن هذا لم يكن ليعني بوقت من الأوقات أن تستلم الشركة لهذا الواقع، بل عمدت للتفكير بحلول بديلة تضمن عودتها إلى إنتاج الأصناف المطلوبة، ولذلك فقد تمت دراسة إقامة معمل جديد للشركة في محافظة اللاذقية لإنتاج السيرومات بدلاً من معمل السيرومات في حلب الذي خرج من الخدمة بسبب الاعتداءات الإرهابية للعصابات المسلحة، وكذلك إقامة معمل للأدوية في المنطقة الصناعية بأم الزيتون في محافظة السويداء لإنتاج الأدوية.
كما تسعى الشركة لشراء خطوط إنتاج جديدة منها خط شراب جاف لمعمل دمشق، وآلة كبسول جديدة، وخط تحاميل جديد، وتحتاج إلى بناء للمستودعات لوضع الإنتاج فيها.
ويشير رئيس مكتب النقابة إلى أن منتجات الشركة مسوقة بشكل كامل وتطرح في الأسواق، إلا أن الشركة تواجه جملة من الصعوبات تتمثل بضعف السيولة المالية، وضيق المساحة في المقر الجديد بباب شرقي بدمشق، كما أن الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد من قبل دول العدوان ساهم إلى حد كبير في التأثير على سير العملية الإنتاجية وخاصة فيما يتعلق بتأمين المواد الأولية وقطع التبديل للآلات وخطوط الإنتاج، هذا إلى جانب الروتين الذي يزيد في حجم هذه الصعوبات ويؤثر سلباً على الإنتاج ويؤخر العملية الإنتاجية..
كما تواجه الشركة منافسة قوية من منتجات القطاع الخاص في مجال الصناعة الدوائية، الأمر الذي يستدعي مطالبة الجهات المعنية في الحكومة بدمع هذه الشركة الرائدة، والمحافظة على بقائها والدفع باتجاه إعادتها إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب لجهة التنوع الكبير في إنتاج مختلف الأنواع والأصناف الدوائية وبكميات كبيرة، وأن لا يتم سحب أي من المستحضرات الطبية والدوائية التي كانت تنتجها وإعطائها لشركات القطاع الخاص، (جرت محاولة لمنح بعض شركات الأدوية الخاصة الصلاحية لإنتاج مستحضرات معينة كانت تنتجها الشركة)، مع الإشارة هنا إلى أن الشركة كانت من أهم شركات القطاع العام وأعرقها والتي استطاعت أن تقدم منتجات بجودة عالية وبمواصفات عالمية، وبفعالية دوائية ممتازة، بسبب التزامها بالمعايير والمواصفات المحددة، وحرصها على تقديم منتج خال من الغش أو نقص في كميات المواد الفعالة.. ولا تزال الشركة تسعى من خلال جهود عمالها ومثابرتهم وحرصهم على العمل، لتقديم أفضل المنتجات بأعلى مواصفات الجودة والفاعلية، وبأسعار تناسب الشريحة الأوسع من المواطنين وذوي الدخل المحدود.
ولفت الديري إلى أن كل منتجات الشركة تخضع لرقابة مستمرة داخل الشركة عبر مخبر المواد الأولية والمخبر الفيزيائي والكيميائي والجرثومي، كما تتم مراقبته عبر مخابر الرقابة الدوائية في وزارة الصحة.
وحول واقع العمال في الشركة وما يتعرضون له نجد أنهم بقوا متمسكين بالشركة ومتابعين عملهم خلف خطوط الإنتاج في مقر الشركة الأساسي في المليحة بريف دمشق، وكثيراً ما تعرضوا للقذائف والاعتداءات بمختلف أشكالها من قبل العصابات الإرهابية المسلحة، وكل هذا لم يثنيهم عن الاستمرار بالذهاب إلى العمل ومتابعة الإنتاج، إلى أن تم تدمير مقر الشركة بالكامل وسرقة محتوياته من قبل الإرهابيين المجرمين الذين سعوا لتدمير كل ملامح الحياة في بلادنا والقضاء على كل الإنجازات التي بناها عمال سورية بعرقهم وجهدهم على مدى عقود طويلة..
وفي هذا يقول رئيس مكتب النقابة إن عمال الشركة استمروا بالحصول على رواتبهم بدون انقطاع وكذلك يحصلون على الحوافز الإنتاجية والوجبة الغذائية واللباس العمالي السنوي والطبابة الكاملة كما أن الشركة مستمرة بتأمين وسائل نقل العمال من وإلى الشركة بدون انقطاع، ومؤخراً استطاع مكتب نقابة عمال الكيميائية ومن خلال المتابعة الحثيثة والتواصل مع العمال إلى تحصيل حقوق العمال في الشركات التابعة لمجال عمل النقابة (تاميكو، الزجاج، سار، دهانات أمية) في إعادة حصولهم على تعويض الاختصاص للعمال من حملة الثانويات الصناعية والمعاهد الصناعية، وهو تعويض كانوا يحصلون عليه في السنوات السابقة إلا أنه ومنذ عام 2009 توقفت الشركات عن منحهم هذا التعويض.
وقد صدر حكم قضائي قطعي وبمفعول رجعي بمنح العمال هذا التعويض عن خمس سنوات سابقة، والاستمرار بمنحهم هذا التعويض دون توقف خلال تواجدهم على رأس عملهم.. وقد بلغ عدد العمال المستفيدين من هذا الحكم القضائي 242 عاملاً وعاملة كانوا محرومين على مدى السنوات الماضية ومنذ العام 2009 من هذا التعويض، وهذا يعتبر مكسباً عمالياً وحقاً لهم تم تحصيله وإعادته عبر سعي النقابة ومتابعتها لهذه القضية العمالية المحقة.
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
محمود ديبو