إذا ما علمنا أن استهلاك القطاع المنزلي من الطاقة الكهربائية يبلغ نحو 55% من مجمل الطاقة الكهربائية المنتجة في سورية، وأن ما بين 70% إلى 100% هي نسبة الوفر المقدّرة التي تستطيع الأجهزة الكهربائية المنزلية تحقيقها بعد وسمها بـ”اللصاقة الطاقية”، يتبيّن لنا الأهمية الكبرى لموضوع “تطبيق معايير رفع كفاءة استهلاك الطاقة” في الأجهزة الكهربائية المستخدمة في القطاعات المنزلية ومن ثم التجارية والخدمية، خاصة وأن الهدف الأكبر من توطين هذا الأمر هو المساهمة في تلبية متطلبات التنمية المستدامة في إطار آلية التنمية النظيفة، وتخفيض الفاتورة الطاقية الكهربائية (استثماراً وتوليداً وتوزيعاً واستهلاكاً)، وكذلك تعزيز القدرة التنافسية للأجهزة المنتجة محلياً مع المستوردة، أي الوصول لسوق محلية -قادرة بمنتجاتها ومستورداتها- نظيفة من الأجهزة المسرفة المبذّرة للطاقة، التي طالما كانت وزارة الكهرباء تصفها بالمستهلك السيئ لكهربائها وأموالها.
ولأجل هذا الهدف اتُخذ القرار أخيراً بوجود “اللصاقة الطاقية” في أسواقنا، حيث بدأت وزارة الكهرباء ممثلة بالمركز الوطني لبحوث الطاقة، تعدّ الأرضية (السوق المحلية) بكل مفاصلها ومفاعيلها التجارية والصناعية والاقتصادية، لتسويق مفاهيم رفع الكفاءة الطاقية من خلال شرح وتوضيح ما يعنيه وضع “اللصاقة الطاقية” على الأجهزة الكهربائية المنزلية التي ستطبّق على 4 أنواع من الأجهزة كخطوة أولى وهي: (المكيفات والبرادات والغسالات والإنارة).
إذاً الوزارة والجهات المعنية بمتابعة تنفيذ هذه القضية من ألفها إلى يائها، معوّل عليها ليس التأكد من حسن التطبيق للصاقة، بل أيضاً وهو الأهم أن تعمل كي تكون الأجهزة التي عليها اللصاقة قادرة على إيقاف الهدر من جهة، وتحقيق الوفورات المحدّدة، وبالتالي التخفيض من الفاتورة الصغيرة والكبيرة للمواطن والخزينة العامة.
جدوى اقتصادية
الدكتور يونس علي المدير العام للمركز الوطني لبحوث الطاقة كشف عن أنهم سيعملون لاحقاً على استصدار تشريع يعفي المستثمر المحلي الذي سيستثمر في تصنيع تلك الأجهزة من الرسوم والضرائب، تشجيعاً وتحفيزاً لهم على تطوير الصناعة الوطنية، للوصول بأجهزتنا للمنافسة عبر تحقيقها للجودة المطلوبة القادرة على تطبيق المواصفات والمقاييس الوطنية كمرحلة أولى والدولية كمرحلة تالية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على التكلفة والأسعار، وبالتالي قدرة المواطن على اقتناء الأجهزة الكفوءة.
يونس أكد أن الأجهزة التي ستوضع عليها اللصاقة الطاقية، ستحقّق الترشيد المطلوب للطاقة عبر قدرتها على توفير ما نسبته من 70%- 100% من الطاقة الكهربائية، لافتاً إلى أن أسعار تلك الأجهزة الكفوءة وعلى الرغم من أنها ستكون أعلى من الأجهزة المستهلكة للطاقة بشكل كبير وسيئ، لا تشكل عبئاً على المواطن نظراً لأن الفارق ليس كبيراً أولاً، وأن الذي سيقتنيها سيلمس مدى الوفر المحقق سنوياً خلال مدة استثمار الجهاز التي تمتد لسنوات طويلة.
انسجاماً مع السوق
وأوضح يونس أن المواصفات القياسية السورية المعتمدة للصاقة الطاقية تنسجم مع واقع السوق، وأن الأجهزة المصنّعة محلياً ستعامل معاملة المستورد، لكن المحلية ستكون من خمسة مستويات، بينما لا يُسمح للمُستورد إلاَّ بثلاثة (A-B-C)، مشيراً إلى أن تصنيفي (A-B) هما الأفضل طاقياً، وأنهم يعملون على إعداد قاعدة بيانات متكاملة تتضمن كل المعلومات الخاصة بموضوع تحصين السوق المحلية من التجهيزات المخالفة.
كما أوضح يونس آلية منح اللصاقة والإجراءات المطلوب تطبيقها في معرض الحصول على إجازات الاستيراد الخاصة التي تُمنح من قبل مديرية التجارة الخارجية، لافتاً إلى أن الجديد في الآليات يتمثل بإلزام الموردين لتلك الأجهزة وقبل حصولهم على إجازات الاستيراد، التوجه إلى مركز بحوث الطاقة للحصول على التصنيف الطاقي للتجهيزات المراد استيرادها ووفق مواصفات السورية الخاصة بكل تصنيف.
رقابة متسلسلة
وحول آليات التحقّق من مطابقة تلك التجهيزات للمواصفات، قال: لقد فتحنا المجال للمورّد لإجراء الاختبار خارج سورية في مخبر معتمد دولياً، أو أن يجلب وثيقة اختبار من بلد المنشأ تكون محقّقة للمواصفات السورية، أما محلياً فتبدأ الرقابة من المعابر الحدودية وهي من مسؤولية الجمارك العامة، حيث يمنع إدخال الأجهزة إلاَّ بعد التأكد من وجود اللصاقة على جميع الأجهزة ومطابقة محتوياتها مع الوثائق المحددة في رخصة الاستيراد، وفي حال وجودها في الأسواق المحلية تتم المتابعة من قبل الجهات الرقابية المشتركة بأخذ عينات عشوائية وإخضاعها للفحص وبيان مدى مطابقة المعلومات واللصاقة الموضوعة على الجهاز مع كفاءته في مركز الأبحاث والاختبارات الصناعية.
غير المسموح
الجدير ذكره أن قانون “كفاءة الطاقة” اشترط ألاَّ يتجاوز الاستهلاك السنوي من الطاقة الكهربائية للأجهزة المطروحة في السوق السورية، الحدّ المسموح به وفق طبيعة كل جهاز وحسب ما تحدّده المواصفة الخاصة به، وأن تعبّر اللصاقة الطاقية في حال وجودها على الجهاز المعروض من قبل المورّد أو المصنّع أو الموزّع، عن تحقيق الجهاز لمعيار كفاءة استهلاك الطاقة، وتبيّن درجة الجهاز الطاقية مقارنة مع باقي الأجهزة المعروضة وفق الفئات الطاقية المبيّنة في اللصاقة والمحددة في المواصفة.