تعد زيارة الوفد النقابي التونسي إلى سورية قبل أيام تطوراً مهماً ونقلة نوعية في عودة العمل النقابي العربي إلى سكته الصحيحة، ولتعود دمشق من جديد إلى صلب هذا العمل وفي مقدمته، فها هم ممثلو الشعوب العربية يتوافدون إلى سورية محملين برسائل الدعم والوفاء، ليكون هذا هو العنوان الأبرز الذي يترجم سلسلة المؤتمرات واللقاءات النقابية والعمالية العربية التي شهدتها دمشق خلال الفترة الماضية، خصوصاً بعد "مكابرة" البعض جراء حملات التضليل الإعلامي والأكاذيب التي بثتها وسائل إعلام شريكة في جريمة سفك دماء أبناء الشعب السوري.
وقد شكل استقبال السيد الرئيس بشار الأسد للوفد التونسي وما وضعه أمام الوفد من حقائق ومعطيات حول الحرب الإرهابية القذرة التي نجابهها منذ سبع سنوات، وما حققته سورية جيشاً وشعباً من انتصارات لجمت وهزمت أكبر المشاريع التقسيمية التي تستهدف العرب جميعا، المحطة الأبرز في هذه الزيارة.
السيد الرئيس لم يكتف بوضع الوفد الضيف بصورة الصمود الأسطوري السوري في وجه الإرهاب وداعميه ومموليه، بل جدد دعوته إلى أن تنهض المنظمات الجماهيرية والعمالية والمهنية العربية بدورها لتعوض عما أصاب العمل العربي الرسمي من وهن وانتكاسات خطيرة خاصة مع تحول بعض الأنظمة العربية إلى أدوات رخيصة بيد القوى المعادية لأمتنا تنفذ أجندات تهدم الأمن الوطني والقومي.
وأكد سيادته أن زيارة الوفد كما زيارة جميع الوفود الشعبية إلى سورية مهمة كونها تحمل الكثير من الرسائل للشعب السوري وللخارج باعتبارها تعبر عن نبض الشارع العربي وتعكس توجهاته.
واعتبر الرئيس الأسد أن أحد أهم أسباب ما تتعرض له دولنا العربية هو أننا نعيش صراع هوية وانتماء، وبرغم ذلك فقد أظهرت الشعوب العربية أنها تملك مستوى متقدماً من الوعي تجاه ما يحصل في المنطقة وهذا ينبغي أن يشكل دافعاً إضافياً للاتحادات والمنظمات الشعبية من أجل المزيد من التعاون والعمل لتحريك الوضع العربي بما يحقق مصلحة وفائدة هذه الشعوب، بالإضافة إلى الحوار مع القواعد الشعبية حول مختلف القضايا بهدف الوصول إلى حالة جامعة من وحدة المفاهيم.
إن حديث السيد الرئيس خلال اللقاء عن أهمية دور الاتحاد العام لنقابات العمال والدور البناء الذي يلعبونه اجتماعيا وسياسيا وتنويه سيادته بدور وتضحيات الطبقة العاملة وقيادتها المتمثلة في الاتحاد العام في مواجهة الأزمة وأن البطولة في سورية لم تعد حالة فردية وإنما أصبحت حالة عامة ، يضع على عاتق المنظمة النقابية مسؤولية أكبر يجب ترجمتها عملاً دؤوباً لا يكل ولا يهدأ خدمة للطبقة العاملة، بهدف تحقيق خطوات متقدمة في ميادين العمل والإنتاج وتوفير بيئة عمل مناسبة تحافظ على حقوق العمل ومكتسباتهم وتحقق لهم المزيد في هذا المجال.
الوفد النقابي التونسي الشقيق أكد خلال الزيارة أن سورية تدافع اليوم عن كل العرب وأن عمال وشعب وتونس يدعمون صمود سورية وسينشطون مع بقية الشرفاء من أبناء تونس لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كما أدان الوفد في البيان المشترك في ختام الزيارة العقوبات والحصارات الجائرة المفروضة على عمالنا وشعبنا ووطننا.
إن هذه الزيارة كانت موضع تقدير واحترام، وتأكيد لموقف مشرف للاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان عبر تاريخه قلعة من قلاع النضال الوطني والقومي في تونس الشقيقة، وقد شهدت الزيارة محادثات معمقة حول مجمل القضايا والتحديات التي تواجه الأمة العربية وعمال البلدين، وتوصلنا إلى الكثير من النقاط المشتركة وسمعنا من أعضاء الوفد مواقف داعمة لعمال وشعب سورية في ظل هذه الحرب الإجرامية وتأييداً للبطولات التي يسطرها بواسل الجيش العربي السوري المستند على عقائديته في الدفاع عن تراب بلده الغالي.
الزيارة بالمجمل كانت في ظاهرها نقابية وفي مضمونها سياسية وتأكيد على وقوف الاتحاد التونسي للشغل إلى جانب سورية وجيشها الذي يدافع عن الأمة العربية كاملة، وللاطلاع على حقيقة ما يجري في سورية، ورسالة دعم وتأكيد بأن لا خوف على سورية المنتصرة لا محالة.
وبإيجاز فإن الزيارة كانت ناجحة ومثمرة وأعادت الدفء والحيوية إلى العلاقات التاريخية التي تجمع عمال تونس وسورية وحركتهم النقابية في نضالهم المشترك من أجل مصالحهم والمصالح العليا للأمة العربية.
إن صمود سورية بجيشها وقيادتها وشعبها في وجه الإرهاب وثباتهم في هذه الحرب التي يخوضونها أسقطت المشروع التقسيمي الذي يستهدف الوجود والهوية العربية، فالشعب السوري يدافع عن الأمة العربية لأن المؤامرة تستهدف جميع الدول العربية البلد تلو الآخر، وانكسار المؤامرة على صخرة صمود سورية حمى العرب جميعاً.
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي