يا جماهير شعبنا:
يستحضر السوريون اليوم وهم يحيون الذكرى الحادية والسبعين لعيد الجلاء جلاء آخر مستعمر فرنسي عن أرض الوطن، تاريخ أجدادهم الذين صنعوا الاستقلال معمداً بالتضحيات الجسام مستلهمين فكر ومعاني ودلالات الجلاء بالدفاع عن أرض الوطن وصيانة استقلاله ووحدته الوطنية في ظل ما تتعرض له سورية منذ أكثر من ست سنوات من حرب إرهابية تكفيرية ظالمة مدعومة من المستعمرين الجدد، مجددين العهد على صون السيادة والاستقلال وتحقيق الجلاء المتجدد بدحر الإرهاب وداعميه عن أرض وطنهم.
في السابع عشر من نيسان من كل عام يستعيد أبناء سورية الشرفاء مسيرة أجدادهم الذين قارعوا المحتل طوال ربع قرن حتى طردوه من أرضهم ليكون يوم الجلاء موعدا يستعيد معه الشعب السوي الأبي ذكرى قوافل الأبطال والمناضلين الذين رحلوا وظلت أسماؤهم باقية كالشمس بدءاً من الشهيد يوسف العظمة والشيخ المجاهد صالح العلي والبطل إبراهيم هنانو وقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش وحسن الخراط ومحمد الأشمر وغيرهم الكثير من الأبطال الذين رووا بدمائهم تراب الوطن ليبقى حراً سيداً مستقلاً.
يا عمال سورية الأوفياء:
إن جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض وطننا الغالي كان نتيجة حتمية ومؤكدة لنضال طويل وشاق قام به أبناء سورية الأبطال في وجه الاستعمار حيث خاضوا بما يملكون من إيمان بالوطن وعزيمة لا تلين معارك الشرف والعزة وأثبتوا أنهم لا يمكن أن يقبلوا الذل والهوان مهما دفعوا من أثمان، ولم تتوقف التضحيات واستمر النضال عبر ثورات قادها رجال أوفياء لبلدهم وشعبهم وعمت مختلف المدن والمناطق السورية من شمالها إلى جنوبها مكرسة وحدة الدم السوري والأرض السورية في مواجهة الاستعمار ومخططاته التقسيمية البغيضة.
لقد تواصل النضال للحفاظ على الاستقلال الوطني بصور وأساليب مختلفة حتى تحقيق الجلاء في عام 1946 في تأكيد على رفض أبناء سورية للاستعمار ومشاريعه والذين أثبتوا أنهم في خندق واحد ولا مكان للمستعمر على أرض سورية الطاهرة، وقد حقق الشعب السوري الاستقلال بعد نضال مرير خاضه على مدى أكثر من ربع قرن قدم فيه التضحيات والشهداء من أبنائه الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم لإنجاز الاستقلال الذي شكل في السابع عشر من نيسان 1946 بداية مرحلة تاريخية مشرفة من مراحل نضال الشعب السوري وجسراً للعبور إلى مراحل متقدمة أرست الأسس لبناء سورية الحديثة. وحرصت سورية طوال العقود الماضية رغم كل الضغوط والمؤامرات على التشبث بمواقفها الوطنية وقرارها الوطني المستقل متبنية مبدأ التضامن العربي وحشد الطاقات بجميع أشكالها وفي جميع الأوقات للحفاظ على الحقوق العربية وتحرير الأراضي العربية المحتلة.
يا جماهير شعبنا الأبي:
منذ الجلاء وحتى يومنا هذا كرست سورية نفسها كرقم صعب في المنطقة والعالم لتصبح أبرز مقومات أمن المنطقة واستقرارها والداعمة الأولى لكل حركات التحرر والمقاومة فيها وهو ما جعلها هدفا للتآمر من قبل القوى الاستعمارية والصهيونية والرجعية في المنطقة والذي نشهد منذ سنوات وحتى الآن أخطر مراحله من خلال العدوان الإرهابي التكفيري الذي تشنه قوى الظلام والإجرام على الشعب السوري مستخدمة أبشع أساليب القتل والتخريب والتدمير بدعم مفضوح من الاستعمار القديم الجديد وأدواته في المنطقة من ممالك ومشيخات الخليج والعثمانيين الجدد.
وبين تضحيات أبطال الاستقلال وبطولات رجال الجيش العربي السوري تمر الذكرى الواحدة والسبعين لجلاء آخر جندي فرنسي من الأرض السورية لتؤكد إصرار الشعب السوري على رفض الذل والخنوع وتمسكه بخيار الدفاع عن الوطن ودحر مؤامرات الأعداء ومخططاتهم الاستعمارية مهما تبدلت أشكالهم وتغيرت أدواتهم وتلونت شعاراتهم ولتثبت أن طريق الاستقلال والسيادة والخلاص من الاستعمار لا بد أن يعبد بدماء الشهداء.
اليوم وبعد واحد وسبعين عاما على جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض سورية الطاهرة تظل الدروس التي رسخها هذا الإنجاز الوطني العظيم حاضرة في أذهان كل السوريين الشرفاء، فمدرسة الجلاء رسخت أساسات متينة للوحدة الوطنية التي تتميز بها سورية كما رسخت عظمة التضحيات التي تبذل للدفاع عن أرضنا وحقوقنا وسيادتنا الوطنية واستقلالنا. ولأن هذه الدروس ما زالت راسخة يواصل شعبنا وجيشنا الباسل مواجهة المؤامرات التي يتعرض لها وطننا بعزم لا يلين وإرادة لا تقهر وتضحيات عظيمة لتمضي سورية بكل ثقة وثبات نحو نصر مؤزر على المستعمرين الجدد وأدواتهم الإرهابية حماية للاستقلال الوطني والقرار المستقل ولتعود سورية كما كانت منارة للحضارة والتطور.
يا عمال الوطن الأوفياء:
بجهدكم وعرقكم سنعيد بناء ما دمره الإرهاب من بنى تحتية ومصانع ومعامل ومشافي ومدارس وجسور، وبتفانيكم سنبقى مستمرين في إنتاج أسباب الحياة لشعبنا الصامد وكل مقومات الصمود لوطننا الغالي.
تحية لجيشنا الباسل حامي الأرض، ولشعبنا الصامد الصابر.
المجد والخلود للشهداء "أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر".
كل التحية والتقدير وعهد الوفاء والولاء للسيد الرئيس بشار الأسد وهو يمضي بنا إلى تحقيق النصر النهائي على الإرهاب وداعميه.
المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال