تتوالى الانتصارات التي يحقها أبطال الجيش العربي السوري في حلب ومختلف جبهات القتال ضد التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة والممولة من قوى إقليمية ودولية , بالرغم من كل التجييش الإعلامي واللعب على وتر الوضع الإنساني في أحياء حلب الشرقية , المتضرر بسبب المجموعات الإرهابية هناك التي أخذت المدينين دروعاً بشرية ومنعتهم من الخروج عبر الممرات الإنسانية الآمنة التي فتحتها الحكومة السورية بالتعاون مع الجانب الروسي .
وقد بدأت التساؤلات حول إمكانية تغير المشهد لجهة تراجع الدعم الغربي المفتوح للإرهاب منذ بدء الأزمة في سورية , ولا سيما بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أن " تركيز الولايات المتحدة يجب أن ينصب باتجاه القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في سورية وإشارته إلى أن لديه وجهة نظر مغايرة عن الرئيس باراك أوباما لا سيما فيما يتعلق بدعم التنظيمات الإرهابية التي تطلق عليها واشنطن تسمية معارضة معتدلة ".
فإذا صدق ترامب بأقواله – ونحن بكل الأحوال لا نعول عليه , بل نعول فقط على صمود شعبنا وجيشنا وقيادتنا ودعم الحلفاء والأشقاء – فإن هناك تغيرات قد تكون صغيرة أو ربما كبيرة فيما يتصل بحل الأزمة في سورية والاتجاه نحو تشكيل حلف واسع لمحاربة الارهاب بشكل جدي وحازم بعيداً عن الألاعيب الجيوسياسية التي كانت تنتهجها ادارة اوباما غير المأسوف عليها , وهي التي دمرت ليبيا وشجعت نظام بني سعود على غزو اليمن , ودعمت الإرهاب في سورية وهددت بالعدوان عليها .
فهل تعود الولايات المتحدة إلى رشدها مع الادارة الجديدة و وهل تتعاون مع روسيا وكل القوى التي تحارب الارهاب الدولي على الأرض السورية بالتعاون والتنسيق مع الجيش العربي السوري , ام أنها ستستمر في سياساتها العدوانية تجاه المنطقة وأبنائها الذين ذاقوا الأمرين منذ اندلاع ما سمي زوراً وبهتاناً " ربيعاً عربياً " والذي أتى على ظهر دبابات غربية وأودى بحياة مئات الآلاف من المدنيين الآمنين في أكثر من بلد عربي , أم سيندلع صراع داخلي في الولايات المتحدة بين الرئيس المنتخب واجهزة الاستخبارات الامريكية التي تتوجس من ترامب الذي عبر عن عدم رضاه عن موقفها تجاه سورية وروسيا وشكك بالتقارير التي تقدمها .
من المؤكد أن ترامب لن يغرد خارج سرب اللوبي الصهيوني , ومجموعات الضغط المعروفة , ولن يكون بإمكانه – كما يؤكد مراقبون – إحداث فرق في السياسية الخارجية للولايات المتحدة فالحزبان الجمهوري والديمقراطي وجهان لعملة واحدة , وستبقى الادارة الامريكية المنتخبة كما الحالية وكما ستكون اللاحقة رافضة لأي تعاون دولي , فهي لا تقبل بأن ينافسها احد في الملفات الدولية , فنظرية الشرطي العالمي باقية في عقل من يقيم في البيت الابيض , ولن يتنازل عنها بسهولة .
الايام القادمة ستكون مليئة بالاحداث المتسارعة , وفي المقابل سيكون الحسم في معركة حلب هو الهدف الذي يعمل أبطال جيشنا الباسل على تحقيقه بدعم من الحلفاء والقوى المؤازرة بغض النظر عن التطورات الدراماتيكية في واشنطن , في الوقت الذي تؤكد فيه التطورات أن عرابي الارهاب في اوروبا سينسحبون بهدوء إلى الظل بعد فشل سياساتهم ورهاناتهم على ادواتهم من المرتزقة الارهابيين , بينما ينشغل حالياً النظام التركي بلملمة أوراقه المحروقة , بعد أن بدأ يتذوق السم نفسه الذي حاول زرعه في سورية والعراق , أما ممالك و مشيخات النفط فيبدو أنها في حيرة من أمرها مما جرى في الانتخابات الامريكية بعد أن أغدقت الاموال لدعم حملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كليتون التي شكلت خسارتها في الانتخابات الرئاسية صدمة كبيرة لصبيان السياسة وتجار الدم في الخليج .
بغض النظر عن أي حسابات سياسية اقليمية أو دولية , يبقى القول الفصل في الميدان لرجال قواتنا المسلحة الباسلة الذين يضحون بدمائهم دفاعاً عن سورية ومقدساتها واستقلالية قراراها الوطني , وما تحقق في الأيام الأخيرة من انتصارات مجيدة , هو عبارة عن إيذان بمرحلة جديدة تفتح أبواب النصر النهائي والكبير على الارهاب الدولي ومموليه وداعميه الذين بدؤوا يتساقطون الواحد تلو الآخر بفعل صمود الشعب السوري بتاريخه وحضارته الضاربة في عمق التاريخ , وبطولات جيشه المقدام وقيادته الحكيمة .
2016/11/13