بعد إعلان التهدئة الإنسانية في حلب وفتح عدد من الممرات لخروج الأهالي الذين يتخذهم الإرهابيون دروعاً بشرية، وفتح الباب للمسلحين الراغبين بتسوية أوضاعهم وتسليم سلاحهم، ظهر للعيان مدى النفاق الغربي وعدم الرغبة في المساهمة بإيجاد حل سلمي للأزمة في سورية، بل ذهب الغرب إلى أبعد من ذلك حيث كشف علانية عن دعمه المباشر للإرهاب وتنظيماته على مختلف مسمياتها، ولم يخجل من رفضه توجيه ضربات لـ "جبهة النصرة" المصنفة وفق مجلس الأمن في قوائم التنظيمات الإرهابية.
الولايات المتحدة الأمريكية التي تدير الحرب على سورية وتدير ما يسمى "المعارضة المعتدلة" أعطت الأوامر لأدواتها في أحياء حلب الشرقية لرفض "التهدئة" المعلنة من جانب واحد "سورية وروسيا" بل ذهبت أبعد من ذلك بتوجيهها هؤلاء المرتزقة إلى استهداف المعابر المخصصة لخروج المدنيين بمئات القذائف الصاروخية والهاون وباقي أحياء مدينة حلب الآمنة، في المقابل يستمر النفاق الغربي في أروقة الجمعية العامة للأم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وحتى في مجلس الأمن الدولي الذي تحول بعض أعضائه إلى مدافعين حقيقيين عن "النصرة" و"داعش" الإرهابيين، ولم يكتفوا بذلك بل كشفوا عن حقيقتهم المتمثلة بأنهم هم من صنع تلك التنظيمات الإرهابية، وكل المداولات التي تجري في المحافل الدولية تؤكد هذه الحقيقة التي لا يمكن أن يحجبوها بغربال نفاقهم ووعودهم المزيفة التي دأبوا على إطلاقها منذ سنين وآخرها كان تعهدهم بفصل ما سموه زوراً "معارضة معتدلة" عن التنظيمات الإرهابية.
اليوم تحاول الولايات المتحدة ومعها كل من بريطانيا وفرنسا، ومن خلال استغلال المنابر الدولية تحقيق مكاسب سياسية وإعلامية وتمارس الضغط على بعض الدول في المنطقة وخارجها، بعد أن خسروا في الميدان وتلقت أدواتهم ضربات قاصمة على أيدي أبطال الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة في حلب وغيرها، فتارة تقدم تلك الدول مشروع قرار أمام مجلس الأمن ، ومرة أمام مجلس حقوق الإنسان، ثم تلجأ إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي كل مرة يكون الفشل من نصيبها مع توسع دائرة الدول التي بدأت تراجع حساباتها، أمام صمود الشعب والجيش والقيادة في سورية، التي تحارب الإرهاب نيابة عن العالم أجمع.
"التهدئة في حلب" قرار سوري بامتياز وبدعم من الحليف الروسي، هدفه الحفاظ على الأهالي في الأحياء الشرقية من حلب وإخراجهم منها وتخليصهم من الإرهاب الذي أوغل في دماء أبناء سورية، ولسحب الذريعة من قبل قاتلي الطفولة ومدمري المدارس والجامعات والمشافي وغيرها من البنى الأساسية التي جهد أبناء سورية في إقامتها وقدموا دماءهم رخيصة للحفاظ عليها.
ما يقدمه ممثلو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وباقي الدول التابعة خلال الاجتماعات الدولية لا يمت للصورة الحقيقية التي تجري على أرض الواقع بصلة، فهم محترفو كذب ونفاق وخداع، والكل يذكر كذبة السلاح النووي العراقي، والذي اتخذوه ذريعة لغزو العراق وتدميره وتهجير شعبه في مختلف أرجاء المعمورة، وما زال حتى يومنا هذا يدفع أبناء الرافدين ثمناً كبيراً لتلك الكذبة.
منذ بداية الأزمة أعلنت سورية أنها مع أي حل سياسي للأزمة، وأنها مع أي مبادرة تصب في هذا الاتجاه، وأكدت مراراً وتكراراً أن هناك خطوطا حمراء لن تسمح لأي قوة في العالم مهما كانت أن تتخطاها، فالحرب ضد الإرهاب مستمرة ولن تتوقف حتى تطهير الأرض السورية كاملة من رجسه، وفي المقابل فإن خط المصالحات الوطنية الذي بدأته الدولة مستمر كذلك ولن يتوقف حتى تحقيق الغاية والهدف المنشودين منه.
التهدئة الأخيرة في حلب، أسقطت آخر أوراق التوت عن الأمريكي وعرّته أمام كل ذي بصيرة، فهو لا يريد إيجاد حل سياسي للأزمة ويراهن على مرتزقته وأدواته للاستمرار في الحرب على سورية الدولة والشعب، لكن يغيب عن الراعي الأمريكي للإرهاب أن من صمد نحو ست سنوات قادر بل ومصمم على الصمود لسنوات طوال، مهما عظمت التضحيات.
هامش:
انتصارات الجيش العربي السوري على الإرهاب أسقطت وعرت وفضحت أوهام أردوغان ومخططاته، بإعادة بناء العثمانية البائدة وكشفت دوره القذر في الحرب على سورية.. وتصعيده الخطير وخرقه الصارخ لسيادة الأراضي السورية هو محاولة يائسة منه لدعم مرتزقته الذين يتهاوون تحت ضربات أبطال جيشنا الباسل، ولن تكون النتيجة إلا الخزي والعار والإذلال لـ أردوغان الذي ستبقى مخططاته في الموصل وحلب أضغاث أحلام وستتحول قريباً على وقع انتصارات الجيشين السوري والعراقي إلى كوابيس تقض مضجع هذا الإرهابي الوقح.
2016/10/23